شوقي أبي شقرا: قصيدتي وعرة... ولم يلحقني أحد

  • 0
  • ض
  • ض

الحوار مع شوقي أبي شقرا هو حوار مع تجربة شعرية أساسية نشأت على حدة، وظلت كذلك، في خريطة الشعرية العربية الحديثة. حوار نعود فيه إلى تلك القصيدة الريفية السريالية الشقية اللعوب العصية على التصنيف والقولبة. إلى قصيدة تأخذ طزاجتها وحيويتها من معجم لبناني تمتزج فيه ممكنات العامية مع طموحات الفصحى التي تتخلى في الوقت نفسه عن فصاحتها وجزالتها لكي يُكتب لها أن تكون جديدة ومشرقطة وقابلة للضحك والسخرية والاستعارات والصور المفاجئة والمدهشة. قصيدة «تتبع الساحر... وتكسر السنابل راكضةً، وتصبح «سنجاباً يقع من البرج»، ثم تصبح مثل حَيرة الشاعر «جالسة تفاحة على الطاولة»، ثم تظهر في «ثياب سهرة الواحة والعشبة»، وتؤدي «صلاة الاشتياق على سرير الوحدة»... ظهرت تجربة صاحب «ماء إلى حصان العائلة» مع حلقة «الثريا»، ثم مع مجلة «شعر» التي أخذت الحداثة الشعرية إلى أقصى الأسئلة، وإلى فتح المخيلة على الترجمات، وإلى شعرية النثر. وداخل ذلك، عاشت نبرته على حدة ومع نبرات المجموعة، من دون أن تفقد فرادتها وغرابتها وعزلتها أيضاً. هذا الحوار أشبه بزيارة حميمة ومنزلية إلى الشاعر الذي بلغ الثمانين اليوم، والذي أُقصي عن العمل في الصحافة الثقافية، حيث يعيش عزلته الاختيارية، ويعكف على إنهاء مذكراته، ويكتب قصائد ويؤجّل نشرها: ■ لنبدأ من نشأتك ودراستك وأول ميولك نحو الكتابة؟ ـــ والدي كان باش شاويش وكان مهيوباً ومحبوباً... أتحدث عن وعيي الأول في رشميا. أنا الابن البكر ولدت في الأشرفية قرب مخفر النهر. كنا في ظل أبي ومروءته. كان رئيس المخفر. بالنسبة لي كان بطلاً. توفي في حادث سيارة وأنا في العاشرة. ظلت الضيعة والطبيعة النقية في ذاكرتي وظهرت لاحقاً في قصائدي. أخذت من والدي طول القامة. فقدان الوالد شوّش نشأتي. اعتدتُ على المسؤولية باكراً. وفاة والدي أثناء عمله، أمّن استمرارية معاشه، وحصلنا نحن الأبناء على منح دراسية في مدرسة «الحكمة». كنت قد بدأت في دير مار يوحنا في رشميا، وتعلمت السريانية فيها، وانتقلت إلى مدرسة الحكمة اعتباراً من الصف الثامن حتى سنة الفلسفة. في الحكمة، كنت في القسم الداخلي، حيث عشت عزلةً زاد فقدان الوالد من تأثيرها علي. أتذكر أني كتبت بالفرنسية ثم بالعربية. حدث هذا سنة 1952. أنهيت البكالوريا، وتوقفت عن الدراسة. بعدها أسسنا حلقة الثريا (1956). ■ قبل ذلك، ماذا كنت تكتب؟ شعراً عمودياً؟ ـــ كنت أكتب عمودياً وتفعيلة

لا يمكنك كشاعر أصيل إلا أن تقفز خارج الزّيح (الخط). خارج القاعدة. هذا ما فعلته طوال الوقت
■ من أخذك إلى جو الكتابة والشعر؟ ـــ كنت أذهب إلى المكتبة الوطنية في البلد. وأمضي وقتاً طويلاً في القراءة. كنت أتابع الصحافة. قرأت زولا وبلزاك وسواهم. وجودي في مدرسة «الحكمة» ساهم في تكريس هذه الميول. كنا نقرأ كثيراً، وكنت متفوقاً في الإنشاء. ■ كان هناك فؤاد كنعان؟ ـــ نعم كان مسؤولاً عن المجلة. وله فضل في أن شوقي أبي شقرا لا يقلد أحداً. كانت هناك حركة شعرية هائلة بعد حرب 1958: صلاح لبكي والياس أبي شبكة وسعيد عقل. وأنا طالب، نشرت في المجلة قصائد عمودية. بعد انتهاء دراستي، واظبت على إرسال قصائد إلى فؤاد كنعان، وكانت تنشر في المجلة. ■ ماذا عن حلقة الثريا؟ ـــ أسسها جورج غانم وإدمون رزق وميشال نعمة وأنا. ■ لم تطل تجربة الثريا، كأنها خفتت وانتهت بعد تركك لها وانتقالك إلى مجلة «شعر». ــ نشرت ديواني الأول «أكياس الفقراء» سنة 1959 وأنا ضمن الجماعة. وفي مجلة «شعر»، نشرت خطوات الملك 1960. كان يوسف الخال مزهواً بوجود حداثة داخل الوزن والقافية. ثم كان ديوان «ماء إلى حصان العائلة» 1962، وفيه انتقلت إلى النثر بشكل نهائي. وحصل الديوان على جائزة مجلة شعر. أنا صنعت نقلات في شعري. ■ تقول إن والدك كان موجوداً في الديوان؟ ـــ هناك فعلاً فصل كامل عن أبي وجدتي. الديوان كله كان نوعاً من أوتوبيوغرافيا شعرية وضعت فيها تفاصيل من العائلة ومن الطبيعة والمشهديات التي عشتها في تلك الفترة. يوسف الخال انتبه إلى الناحية اللبنانية الأصيلة في شعري. الآخرون كانوا يكتبون على أساس مثاقفة مع آخر فرنسي وأنغلوسكسوني. جزء من طموح مجلة «شعر» كان قائماً على الترجمات التي يمكن أن تساهم في العثور على حداثة شعرية عربية موازية. أنا كنت استمراراً للمدرسة اللبنانية من خلال مجلة «شعر». أسلوب «ماء إلى حصان العائلة» كان لبنانياً وجديداً في الوقت نفسه. ■ أنت كنت تجديداً للبكي وأمين نخلة وعقل من خلال شكلٍ حديث. كأن المجلة استفادت من لبنانيتك، بينما لبنانيتك استفادت من الحداثة التي بشّرت بها المجلة. أنت حوّلت مفردات الطبيعة والحياة اليومية للقرية إلى مادة شعرية. هذا موجود في شعر العامية ولكن بدون ضربات الحداثة. أنت أخذت هذا المعجم إلى مكان آخر. ــ أنا ابتكرت شكل قصيدتي ومضمونها. كان المضمون جامداً عند غيري. أنا حرّكته وحولته إلى أسطورة وملحمة مصنوعة من يوميات الشخص اللبناني المهملة. ■ توافق على أن قصيدتك هي خلط ذكي بين روح ومعجم القصيدة العامية والحداثة الفصحى؟ ــ يجوز. أتذكر هنا إعجاب يوسف الخال بما كتبته. الجائزة أتت من هنا. يوسف كان لديه قلق وأرق حول مستقبل ما أكتبه. تجسد ذلك في ديوان «سنجاب يقع من البرج» (1971). ■ كان هذا الديوان مفصلياً في شغلك؟ هنا دخلت الروحية اللبنانية في سريالية مبتكرة وخاصة. كيف خطر لك العنوان؟ ـ السنجاب كان موجوداً في ديوان «خطوات الملك» في مقطع: «ها أنا وحدي/ كسنجابٍ ورجلاي احتضار». العنوان جاء من هناك. وتحول إلى لقب لي عند بعض أصدقائي، خصوصاً الراحل فؤاد رفقة. ■ ما النقلة التي صنعتها فيه؟ ــ سلمى الخضراء الجيوسي ترجمت منه في كتابها عن الشعر العربي الحديث، وترجم سركون بولص قصائد منه، ومنها قصيدة أقول فيها «كان زندي تشرين الأول وكانت السماء عصفورةً وخيطاً». ■ ما هو سر علاقاتكم في مجلة «شعر». كنتم تتحدثون بدبلوماسية تُخفي أشياء كثيرة عن تجارب بعضكم؟ ــ أنا شخصياً لم أقل شيئاً عن زملائي. كان لدي خط وطريقة ونبرة. الماغوط كان يسميني «مرشدنا الجمالي»... كنت أحب الماغوط، وبقينا متفقين حتى رحيله. كان «همشرياً» وشعره فيه شغف بالصورة وفيه غنائية بِكْر. أدونيس لم يكن يَودّني في المجلة. كان رأيي أن تنقيح أو تصحيح القصيدة ممكن. كنت أنقذ بالتصحيح عدة أشياء في المجلة، ولاحقاً أثناء عملي في جريدة النهار. ■ كيف كان شعورك حين اجتمعتم مؤخراً في غياب الخال، وإعادة طبع العدد الأول من المجلة؟ ــ كانت صورة حنين وتذكر لأيام كانت فعلاً جميلة ومثمرة على شاطئ الكلمة. كنا قلائل وصار الجميع نجوماً. مجلة «شعر» صارت مرجعاً لأنها أنتجت شعراء، وصنع جزء من الحداثة الشعرية فيها، ولكنها مجلة مثلها مثل غيرها في النهاية. ■ هل كنت تتصرف بقصائد لشعراء من المجلة أم فقط لشعراء كانوا يراسلونها أو ينشرون فيها؟ ـ تصرفت بنصوص للطرفين، ولكن ليس لكل شعراء المجلة. كانوا يزعلون من ذلك. ■ هل كان أدونيس واحداً منهم؟ ــ لا. أدونيس كان يُنقّر علي. كان هناك صراع بيننا وقتها. الخال وقف إلى جانبي. أدونيس ترك المجلة لأسباب كثيرة، وأولها رغبته بمن يقبله بشكل كامل. كان يرتب وضعه. في المجلة كلنا كنا أصحاب. أقربهم إلي كان أنسي الحاج ويوسف الخال. كان أدونيس كذلك، ولكن المنافسة أبعدته على المستوى الشخصي. على كل حال سيرد ذلك في مذكراتي. ■ إلى أين وصلت فيها؟ هل ستكون مجلداً كبيراً؟ ـــ على وشك أن أنتهي منها..
«معادلي الموضوعي» كان محلياً. أنا عشت استعاراتي وأكملت تخيّلها من ذاكرة طفولتي في الضيعة
■ لماذا المذكرات؟ ـــ طلب الكثير من أصدقائي ذلك. أنا كنت في مؤسسة، ولديّ الأكمة وما وراءها. وهناك تاريخ ينبغي أن يُروى. ■ ماذا ترجمت في مجلة «شعر»؟ ـــ ترجمت قصائد لرامبو ولوتريامون وأبولينيير وبيار ريفيردي. ■ هل تأثرت بسريالية الأخير؟ ــ لا.. لقد ترجمت وقرأت، ولكني طوال الوقت كتبت بمعجمي اللبناني ونبرتي الشخصية. «معادلي الموضوعي» كان محلياً. عندما أقول: «زندي تشرين الأول» هذه استعارة، ولكنها واقعة حقيقية. أنا عشت استعاراتي أو أكملت تخيّلها من ذاكرة طفولتي في الضيعة. حين وصلت إلى ديواني «صلاة الاشتياق على سرير الوحدة»، كان مليئاً بالصور، ولكن وراء ذلك شاعر يعرف ما يفعله. ■ أظن أن شغلك على اللغة تصفّى من ديوان إلى آخر، رغم بقاء النبرة على حالها. صرت معلماً في معجمك وتلعب به كما تشاء. هل توافق على أنك بعد «سنجاب يقع من البرج» و«يتبع الساحر ويكسر السنابل راكضاً»، خف اللعب وتراجعت الرغبة بالإبهار. «صلاة الاشتياق...» وما بعد صار لأسلوبك فلسفة وتأمل داخلي، وبات ممكناً رؤية الشاعر نفسه داخل القصيدة. الكائن الوحيد، «النوتي مزدهر القوام» لاحقاً، والذي «حيرته تفاحة جالسة على الطاولة»... وهو «سائق الأمس ينزل من العربة».. لاح الشاعر في قصيدته بعدما كانت مساحتها الأوسع ممنوحة لمهرجان الصور والكنايات والطبيعة. ـــ هناك سر إبداعي ولغوي نبشتُه في كل كتاب. هناك شطحات من العاطفة وأقواس قزح فوق بعضها. أنا أخذت حتى الأمثال اللبنانية ولعبت على تجزئتها واستثمارها بطريقة مختلفة. «صلاة الاشتياق...» كان نقلة عن انتاجي السابق، نقلة استمرت في أربعة دواوين. تجربة واحدة ولكل لكل كتاب شخصيته. ■ على ماذا فتح «صلاة الاشتياق»...؟ ـــ حين صدر الديوان، قال رياض الريس عنه إنه حدث شعري. حدثٌ في تجربتي وفي الشعر العربي. استُكمل ذلك في «ثياب سهرة الواحة والعشبة» ثم «نوتي مزدهر القوام» ثم «تتساقط الثمار والطيور وليس الورقة». ■ لنعد إلى عملك في الصحافة التي انتهت بمرارة؟ ـــ إلى سكرتير التحرير في «شعر»، كنت أعمل في جريدة «الزمان» ومنها إلى «النهار» سنة 1964. أنا بدأت بالملحق مع أنسي الحاج. لم تكن هناك صفحة ثقافية. كانت هناك مواد متفرقة وزوايا. لم تكن هناك صفحة ثقافية يومية في الصحف اللبنانية. أثناء أحد اجتماعات التحرير، كانت هناك صفحة محيرة لا يعرفون ماذا يفعلون بها. اقترحت على فرانسوا الحاج وكان مديراً للتحرير حينذاك أن آخذ الصفحة. وهكذا بدأت الصفحة الثقافية في النهار. وصار ذلك عُرفاً لكل صحيفة لاحقاً. ■ ما هي خلاصة شغلك في «النهار»؟ ـــ كنت أستمتع بالعمل والعلاقة مع الكتاب والشعراء. كان العمل يوفر لي أفضل فرصة لمتابعة ما يعرض وينشر ويكتب في الحياة الثقافية اليومية. ونصوص تصلني من العالم العربي. ■ ثم انتهى هذا بطريقة قاسية؟ ـــ نعم. قوبلت بالعقوق. أنسي الحاج كتب شيئاً عن الموضوع وأنصفني. طردونا... بحجة وصولنا إلى سن التقاعد. على أي حال كنت قد تعبت فعلاً. كان عملي شاقاً رغم أني أحببته. كل شيء جميل له نهاية. ■ ولكن كان بإمكان جريدة عريقة مثل «النهار» أن تبتدع طريقة لائقة بذلك؟ ـــ لم يفعلوا ذلك. ■ من كان السبب؟ ـــ غسان تويني تحت تأثيرات معينة. بعدها تم التخلي عن أنسي الحاج أيضاً كما تعرف. سياق العمل اختلف بعد عودة جماعة النهار العربي والدولي، والوضع المالي ساء وقتها... النهار تراجعت كثيراً في السنوات الأخيرة، والصفحة الثقافية كذلك. ■ هل كان شعرك أو تجربتك ستختلف لو لم تذهب إلى مجلة «شعر»؟ ــ لا أعرف، ولكن لا يمكنك كشاعر أصيل إلا أن تقفز خارج الزّيح (الخط). خارج القاعدة. هذا ما فعلته طوال الوقت. أنا قُرئت بهذه الطريقة. كتجربة شعرية جديدة وفيها مغامرة... ■ قلت مرة: أنا كتبتُ بلادي؟ ـــ نعم بلادي لبنان كتبت روحها بطريقة جديدة. كانت مكتوبة قبل بطريقة أمين نخلة ولبكي والرحابنة طبعاً. ■ هل تكتب حالياً؟ نعم... لدي ما يكفي لديوانين ولكني أؤجل النشر. ■ كيف تعيش يومك؟ لا أضجر. أقرأ. ومنكب كما قلت لك على كتابة المذكرات... ليس سهلاً أن تضع أمامك كل ما صار خلفك. وأفكر بإضافة قصائد موزونة غير منشورة في حال نشرت ديواناً جديداً. قصائد من حقبة الخمسينات. كنوع من التأريخ. ربما أضيفها وربما لا. ■ من ترى حالياً؟ ـــ نادراً ما أخرج... حتى السهرات تحدث هنا في بيتي. بعد إقصائي من «النهار»، أحسست أني متعب بدون أن أعرف... أنا تعبت كثيراً، وخصوصاً في فترة الحرب الأهلية. حتى بيتي هذا فتحته ست سنوات للجريدة. الآن لدي وقت أفضل لأعتني بنفسي، خصوصاً أني صرت في الثمانين. ■ هل تحس أن تجربتك مظلومة؟ ـــ ربما هذا صحيح. ولكن الظلم الذي وقع عليها ليس خطأً كله. الجديد والمختلف لا يُنصف دائماً. ■ البعض يلخص تجربتك بالغرائبية والمعجم اللبناني الريفي فقط؟ ـــ هذه قراءة ناقصة بالطبع. أنا رفعت هذا العالم إلى مستوى شعري خاص. كانت قصيدتي وعرة، ولم يلحقني أحد. ■ ماذا تقرأ حالياً؟ ـــ كل شيء ما عدا الصحف (يضحك). ■ هل هو قرار؟ ــ أنا ارتويت من طبخة الصحف... أصبت بالتخمة. ■ ألا يهمك أن تعرف أين صارت الصفحات الثقافية على الأقل بعد تجربتك الطويلة؟ ـــ أحاول طبعاً... ولكن ليس بنفس المتابعة. أحياناً أقرأ بطريقتي في العمل... فأفكر بتنقيح ما أقرأه مثلاً. (يضحك). ■ أخيراً كيف تصف وصولك إلى الثمانين؟ ماذا يعني ذلك لك كشاعر وإنسان؟ ــــ إنها الثمانون بلغها شاعر، وهي ليست العبء أو الشأن المنزل وكأنه السندان الذي ما فارق المطرقة. إنه شوقي أبي شقرا في حياته المثقلة منذ الصحافة الثقافية والأوسع منها، إلى هذه الآونة حيث الحرية ولا بطالة، ولا هو عاطل من الثمار، ولا ضرورة للاحتفال ولا كذلك للنوم على القش على القطن على الحرير، لأنه عاش «ثمانين حولاً» ولم يسأم مثلما جاء في الديوان القديم. ■ هل كبرت قصيدتك معك أيضاً؟ ـــ يجوز... ولكنها لا تزال تملك روحها الطفلية واللاهية والغريبة عما يُكتب حولها.

0 تعليق

التعليقات