1-
العالم تحت الریح لیس مجازاً
وربما كان لا أعرف بالضبط
لكنّني أعرف أن المقابر كانت في آخر الشارع br> قبل التعدیلات الأخیرة
وأنهم نقلوا المقابر من هناك
إلى مكان آخر
لیس بعیداً
لكنّه بالضرورة
تحت الریح
على قلق كأنّ الریح تحته... والمقابر تمشي


2-
بالأمس
أقلعت عن التدخین ونمت في الثامنة مساءً
صحوت مرتین للتبوّل
وأفقت في الثامنة من الصباح التالي
أشعلت سیجارة في السریریااااااه اثنتي عشرة ساعة دون تدخین
اثنتي عشرة ساعة وأنا في مصحّ على شاطئ البحر حیث یعاد تأهیلي
كدمیة ناطقة جمع الرئیس طاقمه الطبي قال لهم؛
الیوم خمر وحشیش وحضن دافئ
وغداً تستأصلون عظاماً زائدة في ركبتیه
وتفصلون بالعدل بین الفقرتین: الرابعة والخامسة
علّموه السباحة من جدید
ركوب الجمال
قراءة النجوم
واحتمال العطش
سیقطع مسافات طویلة في الصحراء
سیبقى لیاليَ كثیرة
یفكر
ویدرّب نفسه
على اكتشاف الفارق الدقیق
بین التعاطف البسیط والعاطفة
سیصعد الجبل لیلاً
یقف على القمة العالیة: ومن هناك ینادي
یا بنات الحور هل هذا قمر مخنوق
أم قمر في عاصفة؟

مارتن غال ـــ مقبرة تحت الثلج (زيت على كانفاس ــ 45 × 36 سنتم ــ 2008)


3-
أیتها الطفولة البعیدة الصامدة
حلم لیلة صیف
أطلت الإقامة في الخریف
الشتاء قریب وفیه لا أحسن الغناء
ربما
عزف منفرد
نقر جنائزي على ترابیزة السفرة
لا وقت لدینا للبكاء (كأنّ أحداً سوف یبكي)
لا طعام للضیوف شاي ثقیل
قهوة مرة سجائر للمعزّین
فطائر للصغار
تخیل أنك في جنازة نفسك أنت في الأمام ولا أحد خلفك
الطریق طویلة
تحت هذه الریح
والمقابر تمشي

4-
في الفاصل بین مقطعین: فشلت في إقناع الصغیر بثلاثة أشیاء
أن یغسل أسنانه قبل أن ینام
ألا یحمل التراب في قدمیه إلى السریر
أن یكفّ عن الكلام
وفِي الفاصل أیضاً
وقفت مع الكومبارس في الشارع أشاهد نهایة العالم
للمرة الألف
والغریب یا أخي
ورغم أنني لست مقتنعاً
أن العالم سینتهي
بكوكب القرود
أو سلاحف النینچا
إلا أنهم ینجحون في شد انتباهي
حتى اللحظة الأخیرة
كأنهم یعرفون أن العالم لن ینتهي في غرفة المونتاچ وأن الیوم الذي ینتهي بغسل المواعین لا یُعول علیه
تعبت من ملمس الزیت في سائل الغسیل ومن النوم وحیداً كالغریب: ومن حل الواجب المدرسي لصدیقة تدرس في الخارج
قارن بین رسالة من امرأة مجهولة ورسالة من تحت الماء

5-
أعتقدُ أنهما رسالة واحدة
مواجهة؛ ثم معجزة لم تكتمل
في الانتقال السهل
من التنفّس تحت الماء
إلى الغرق

6-
الحیاة ماكینة یصنعون لها قطعاً للغیار ربما تحتاج إلى رقبة طویلة كي ترى العالم من أعلى أو ذراعاً أقوى
كي تحمل الجبل من الصحراء إلى البحر
لكنها في الحقیقة تحتاج إلى قلب
أقل صلابة من الحجر الجیري لعله یتفتّت من الحزن
أو عندما تنطبع علیه قبلة الیتیم
كعكة محلّاة بالتوت والسكر
عجبة والحیاة ماكینة
تمد النوم بالأحلام
وتضع الحلم في مكانه الصحیح لعلّه یجد التفسیر
أو یلمس المعنى
في شریط الصوت
على الشجرة عش، وفِي العش بیض
وأفراخ توصوص
قبل أن تموت
أو ینقذها طفل ضریر یتعلم النجارة یعرف بالقلب صبغة ﷲ أو لون الجنة قبل أن یسقط في النهر ویجرفه التیار،
فیلم أم حلم كلاهما مرّ
في الغابة
ینقذ الأعمى الحیاة من نفسها
فمن ینقذ الأعمى؟

7-
المولودون في التسعینیات
لا أقول إنهم لا یعرفون معركةً بعیدة مثل رأس العش
لكن أقول إنهم لم یلعبوا الكرة الشراب في الشارع
لذا لا یعرفون العمل الجماعي ولا یجدون في «الحرّیف» مجازاً لاتساع الهامش ومصیر الموهبة
حتى لا أقول مجازاً لانكسار الروح
في دوح الوطن
من هنا یأتي الشجن؟ ربما
وربما یأتي من انقطاع الكهرباء
عن غرفة العملیات أو العنایة الفائقة
للمبتسرین أطفال «توصوص»
في صندوق زجاجي عمیان تقریباً
لكنهم یشربون إصبعاً باللمس یقبضون علیه
بأكف صغیرة جداً
كي لا تقع
اترك لهم إصبعك، المكان تغیّر
اللقطة ثابتة
والمقابر تمشي

* مصر

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا