لا أعلم ...كيف بدأت الأوجاع تسكنني
وكيف بدأ جمالُك
يعبث بي
سقطتُّ مرةُّ
ذاك الصباح الشقّي
سقطت على الرمال
التي آوتني من بعدك ... مرّات

لا أعلم ...
كيف آثرتُ الابتعاد
حين قتلني مرتين
وكيف أُرممّ جسداً
يحمل هذا القدر من الحب المغادِر
والحب المغامر
ومن ضجيج الصمت
ودموع الذكريات

من يدري
كيف بدأتْ السماء تمطرُ
وانا متوارياً عن الأنظار
ناسياً روحي
مختبأة في صدرها
ناسياً هكذا أن أتبخر
والعظام تُرمى بين خُطاها
على ضفتي رصيف
كنردٍ وقع بين رغيفٍ ورغيف

أراكِ
وفمك الريّان يجتاحني
لا تمر هنيهةً
دون أن أشعر به
جرعةٌ واحدة لا تكفي ...
للشفاء
على بُرَك الليل
لا تكفي
من شفاهٍ أهدتني سرَّها
لأُشفى من أمراضي
المتناسلة دفعة واحدة
في خريف العمر ...
هذا الذي يتكئ على وخزِ الأوجاع

أراكِ
كأن هي روحي
معلقةٌ على مواعيد مظلمة
رحتُ أفتشّ عن شهوتي
قبل الافتراق
عن حياةٍ ملئى صُراخ
أوقدت ناراً خفيّة
قبل اللحظة
التي يمكن ان تغادر ورودي
نحو السكينة الأبدية
كـأنْ هي روحي
تقفُ في أول الصف
من رتلٍ عسكريّ
يتهيأ لمعركة الرحلة الأخيرة
والقهقهات المريرة

خاليةٌ
جاءت الفحوصات
من أي كدرٍ ظلاميّ
سوى من لغز النساء
الذين تناوبوا على عمري المديد
وقد جلسْنَ في شراييني
يراقبن سيلان دمي
في مجرى الساحات
يوم اعتقلني العسكر
في ريعان الشباب
وأنزلوا فوق ظهري ...
ما يكفي من سياط

طبيب القلب قال
لا شكوى من دقات نبضك
المتوارية عن الأنظار
إنتظرْ حفيفَ عظامِك المطحون
التي انهكتها عذابات القبر لأخيك
وعنف السجون
إنتظرْ منشورَك السريّ
الملأى أحلامُك فيها
إفتح صدرَك للهواء
واخرجْ من لهاث العمر المدوّي
وتنشّق لهاث الحبيبة
فتُشفى على الدوام

نصحتني تيما في مختبر الدم
أنْ أكثرَ من القبلات
حتى يزيد فيّ العمر عمراً
ليتكاثر ايقاع الكريات
ويعلو ضغطك
بين مقالع الشِّعر
وأصابع النساء

طبيب العيون قال:
عمرُك ستون ؟ سبعون ؟
لا همّ بين العمرين
أملاكٌ من الورد والرياحين
ليغفو رأسك بين النهدين
وستعود طفلاً للرضاع
سترى على كتفيك ملاك
نهداها الأكثر رغبة
بين الرغبات

كبير الأطباء قال:
أفتْح قلبَك للهواءِ يا ولدي
وانتظرْ خرير عمرَك
النازف
حتى عمق الوردة
لن ترحل هذا العام
طالما العصفورة أشارت
أنْ تضعَ جميع أحلامك
في محفظةٍ
لتسافر بها حول الكون
وأيّ بحيرة تغرق فيها
وفي يمّ من الذكريات
لا أحد يعرف قعره
سِوى المجهول في عينيها
والجميل في عينيها
والغريب في عينيها

لا توصد بابك يا ولدي
لمرضٍ عُضال
لا فُكاك منه
لحبٍ قاسٍ ... حنون
للصدمة التي أدمتك
قبل سنوات
ممّن كانوا رفاق المسير
سحقوا أحلامك غيلةً مرات
الذين تناوبوا على دفن جثتك
وصادروا عشقك غيلة
فالمطر قادم
سيسيل دمك على الطرقات
ويصبح مزيج لونين
حين تواجه خطر عينيها
لأنها ... صحو الحياة ...

* لبنان

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا