ترجمة:موسى بيدج
1. نيما يوشيج: حتى الصباح
مصباحي مضاء
حتى الصباح
في هذا الليل المحموم
أبني جداراً أعلى
في دار العميان هذه
يشير أعمى
جدارك ما أكثر عيوبه؟!
يعتب آخر
لم هكذا، لم ذلك؟!
وأنا أضع لبنة على لبنة
في دار العميان هذه
كي أصنع لهم ظلالاً
تقيهم من حرارة شمس غد
مصباحي مضاء
حتى الصباح
في هذا الليل المحموم
أبني جداراً أعلى
في دار العميان هذه.
- نيما يوشيج: رائد الشعر الإيراني الحديث (1895-1959). من أعماله: «أسطورة»، «قصة اللون الباهت»، «عائلة الجندي»، «أيها الليل»، «ماء في منامة النمل».

2. أحمد شاملو: رثاء
[في ذكرى الشاعرة فروغ فرخزاد]

باحثاً عنك
أبكي
على عتبة الجبال
على بوابة البحار والأعشاب.
باحثاً عنك
أبكي
في معبر الرياح
في تقاطع الفصول
في أضلاع مكسورة لنافذة
صنعت للسماء الغائمة
إطاراً عتيقاً.
في انتظار صورتك
إلى متى
وكم ستنطوي أوراق
هذا الدفتر الخالي.
استجبت لهبوب الرياح
وللحب
وهو أخو الموت
والأبدية
قاسمتك أسرارها
فتجسدت كنزاً
ضرورياً وباعثاً للحسد
كنزاً
من تلك التي تجعل
التراب والديار محبباً هكذا!
اسمك فلق
يعبر على جبهة السماء
بوركت اسما.
ونحن ما زلنا
تدور بنا الأيام والليالي
تدور بنا الأحايين..
- أحمد شاملو (1925-2000)، من أعماله: «أغان منسية»، «ثلاثة وعشرون»، «هواء نقي»، «آيدا في المرآة»، «تبرعم في الضباب»، «حديد وإحساس».

3. سياوش كسرائي: الموجة
كنا موجتين مسافرتين
عائمتين عابرتين
نحو السواحل الخفية
محتاجتين للهروب
للصعود
للهبوط
مسرعتين مسرورتين
متكاتفتين بطيبة
كنا نتطارح بين طيات البحر
وفي ليلة ليلاء
هبت عاصفة هوجاء
وانتزعت حبي من حضني
وتفارقنا
وتناثر عقد اللؤلؤ في الأمواج
ومن تلك اللحظة
أبحث عن توأمي
في هذا البحر البعيد عن الشمس
توأمي الذي
كان مصباحاً يتلألأ في الظلمة
أبحث عنه مكتئباً
متراكضاً في كل الجهات
وحيداً.
- سياوش كسرائي: (1926-1995)، من أعماله: «آرش رامي النبال»، «دم سياوش»، «الحجر والندى»، «أربعون مفتاحاً»، «نجوم السحر»، «هدية إلى التراب».

4. بيجن جلالي: قصيدة
إذا طلبني أحد
قولوا ذهب لمشاهدة المطر
وإذا أصر
قولوا ذهب لرؤية الطوفان
وإذا ألح
قولوا ذهب كي لا يعود ثانية.
■ ■ ■
كنت أتمنى الموت في صوتك
أو الذهاب مع صوتك
أو الانطفاء عند صوتك
لكن صوتك
انطلق كما الريح
وها أنا عالق في أحضان الظلام.
- بيجن جلالي: (1927-1999)، من أعماله: «الأيام»، «قلبنا والعالم»، «لون المياه»، «الماء والشمس»، «يوميات»، «لعبة الضوء».

5. سهراب سبهري: الضوء وأنا والورد والماء
لا غيم
لا ريح
أجلس عند الحوض:
دوران السمك، والضوء، وأنا، والورد، والماء
وطهارة عنقود الحياة
أمي تقطف الريحان
خبز وريحان وجبنة، وسماء بلا غيمة، وبتونيا مبللة
الفلاح قريب، بين ورود الباحة
كم يتغنج النور في وعاء النحاس!
السلم يأتي بالصباح
من أعلى الجدار إلى الأرض
كل شيء مختبئ خلف الابتسامة
في جدار الزمن كوة
يظهر من خلالها وجهي
توجد أشياء لا أعرفها
أعرف لو أنني قطفت نبتة سوف أموت
أحلق في الأعالي، أنا مفعم بالأجنحة والريش
إنني أرى في الظلام، أنا مفعم بالفوانيس
أنا مفعم بالنور وبالرمل
ومفعم بالحراشف والأشجار
مفعم بالطرق، بالجسور، بالأنهار
بالأمواج
مفعم بظلال ورقة في الماء
وكم وحيدة أعماقي.
- سهراب سبهري: (1928-1980)، من أعماله: «موت اللون»، «حياة الأحلام»، «أنقاض الشمس»، «شرق الحزن»، «صوت أقدام الماء».

6. فروغ فرخزاد: جمعة
جمعة صامتة
جمعة مهجورة
جمعة حزينة، كالأزقة القديمة
جمعة أفكار كسولة ومريضة
جمعة دون انتظار
جمعة استسلام.
بيت خاو
بيت مغموم
بيت مغلق في وجه النشاط
بيت ظلام وتوهم الضياء
بيت وحدة وتفاؤل وشك
بيت ستار وكتاب وصندوق وصور.
آه ، كم كانت تمضي ببطء وكبرياء
كساقية غريبة
في قلب هذه الجُمع الصامتة المهجورة
في قلب هذه البيوت المغمومة
كم كانت - حياتي الخاوية - تمضي ببطء وكبرياء.
- فروغ فرخزاد: (1934-1966)، من أعمالها: «التمرد»، «الأسير»، «الجدار»، «ولادة أخرى»، «لنؤمن بحلول فصل البرد».

7. أحمد رضا أحمدي: قصيدة
كان زمن
كنت أشبع فيه بكسرة من خبز
وأعود إلى البيت بابتسامة
كنت أحب الباصات المكتظة بالمسافرين
لم أكن أتوقع
أن يقدم لي أحد
مقعدا في الشمس
ولكنني
كنت أتوقع أن أهدى وردة حمراء.
- أحمد رضا أحمدي: (1940-)، من أعماله: «جريدة زجاجية»، «وقت المصائب الجميل»، «أنا بكيت بياض الفرس فحسب»، «نحن موجودون على الأرض»، «بقعة من العمر على الجدار»، «نثر يومي»، «عن المطر الذي هطل متأخراً».

(*) منتخبات من كتاب بالعنوان نفسه، صدر حديثاً عن «دار أروقة»، القاهرة.