لحافظ ديوان يحوي حوالى خمسمئة قصيدة غزلية مشحونة بخيال خصب وأفق وسيع وأدب رفيع ورمزية لا يضاهيها قصائد ولدت قبلها أو بعدها في اللغة الفارسية إلى يومنا هذا. حسب هذا الديوان، فإن حافظ كان شاعراً مقلاً، ولكن هناك من يقول بأنه قد اختار من قصائده ثلثاً، وأعدم ثلثين فصار الديوان الذي بين أيدينا.عاش هذا الشاعر في القرن الثامن الهجري نيفا وستين سنة، لم يخرج من شيراز إلا مرة واحدة. فقد جاءته دعوة من الهند، لكنه حين ارتقى السفينة هاج البحر، فندم وعاد إلى مسقط رأسه.
حين أسلم الشاعر روحه لخالقه، اعترض رجال الدين على دفنه في مقابر المسلمين واعتبروه ملحداً، فدفن في محل إقامته الذي أصبح من بعده مأوى للعاشقين ومقصداً للمولعين بقصائد الحب والهيام.
في الحقيقة، قصائد حافظ قابلة للتأويل، وقد كتبت في شرحها وتفسيرها وتأويلها كتب ومقالات لا تعد ولا تحصى، فاعتبرها الكثير من الباحثين قصائد عرفانية إلهية، لهذا نعتوه بلسان الغيب، ومنهم من اعتبره جاحداً عن الدين وغارقاً في ملذات الحياة. وهناك قسم آخر، وأنا أفضلهم على الآخرين، يعتبره مؤمناً على طريقته الخاصة: فهو من ناحية حافظ للقرآن ومن أخرى يصاحب أهل الشرب وينادم أهلها، وفي ديوانه شواهد لكل هذه الأقسام.
ولكن الأهم من ذلك هو محاربته بقصائده للظلم والجور والرياء والنفاق و الافتراء، وبعبارات مشحونة بالسخرية أحياناً. وفي كل الأحوال، لا ينسى أن يذكرنا دوماً بأن كل شيء زائل ماعدا الحب، فالكائنات مجبولة على العشق فيقول: «لم أر أجمل من صدى كلمات الحب/ تبقى كذكرى على قبة الفلك الدوارة هذه».
كان حافظ يعشق العربية، ويقول بأن فمه مملوء بلغتها وأدبها، وكان يطعّم بعض قصائده بعبارات ومصاريع يكتبها بالعربية لتكون من الشعر الملمَّع.
في يومنا هذا، لا تخلو البيوت الإيرانية من ديوان حافظ، وإن لم يجيدوا قراءته، فيضعونه على خوان عيد النوروز، كما أنهم يستشيرونه في بعض أمورهم فيجيبهم بقصائده ويرشدهم إلى ما فيه الصلاح أو هكذا يعتقدون.
من أبيات له:
اشرب الخمر فالشيخ وحافظ والمفتي والمحتسب/ إذ أمعنت النظر تراهم كلهم ينافقون
■ ■ ■
قلت لکبیر الحانة أين طريق النجاة/ طلب قدحاً من نبيذ وقال: الستر على عيوب الآخرين
■ ■ ■
مدینة مكتظة بالغنج والدلال من ست جهات/ لولا أني معدم لكنت اشتريتها بجهاتها الستة
■ ■ ■
إذا تلك الحسناء الشيرازية راعت ما بقلبي/ سأهدي سمرقند وبخارى لوشم وجنتها الهندي
■ ■ ■
علی قصائد حافظ الشیرازي يرقصن بدلال وغنج/ ذوات العيون السود الكشميريات والتركيات والسمرقنديات
* إيران