أقولُ الحقَّ: إنني أُحِبُّ نَعومي كامبل (السوبر عارضة أزياء الشهيرة طبعاً) .
أحبُّها، أحبّ مشيتَها، شَعرَها الفاحم المنسدل، وغرورَها أيضاً.
أحبُّ اعتزازَها بزنجيَّتِها، وبقومِها.
وربما أحببتُ أيضاً طريقتَها الفظّـةَ في الدفاع عن النفس، ومُدافعة الآخر.
وأعجبتني جداً قصةٌ قصيرةٌ لمحمود شقير، أدخلَ فيها نعومي إلى مخيَّمِ لاجئين فلسطينيين!
كما شعرتُ بسعادةٍ خاصةٍ حين علمتُ أن صديقَها (عباس) عربيّ من دُبَيّ، غنيٌّ أكيداً، وأنها تُمضي معه، هناكَ، لياليَ مِلاحاً، آخرُها كانت لمناسبة عيد ميلادِها الميمون!
وقد لا يصدِّقُني أحدٌ أنَ أقول إنني أتتبَّعُ أخبارها في صحف التابلويد الرخيصة، وأنني أحتفظُ في زاويةٍ سرّية من مكتبتي بصورِها المقتطَعة من تلك الصحف والمجلات.
في الحُلمِ تزورني نعومي، وقد أمستْ ذات جناحَينِ أسْوَدَينِ مُهفهِفَين. أقول لها: يا نعومي. أنتِ نِعمةٌ من نِعَمِ الله. تسألُني: ماذا تعني؟
أجيبُها: لقد جعلتِ عالمَنا أجملَ. ووهبتِ المُهَمّشينَ أجنحةً تشبه جناحَيكِ.
■■■
كل هذا الذي أكُنُّه وأُبْديهِ لم ينفعْني في أن أحظى منها بنظرةٍ!
حتى جاء أمس، الجمعة…
البلدةُ التي أسكنُ ضمن حدودِها الإدارية، تُدْعى أَكْـسِـبْـرِجْ Uxbridge ، وهي بين مناطـق لندن الإدارية، الأقربُ إلى مطار هيثرو، البوابة الهائلة إلى المملكة المتحدة، التي يحاول اقتحامَها، دوماً، طالبو لجوءٍ وعملٍ من قاراتٍ شتى.
المتاعب القضائية المتعلقة بهؤلاء من حجز، وتحقيق، وإبعادٍ… إلخ، تتولاّها حاكميةُ أكسبرِج، أي مُجَمّعُها القضائي.
هذا المُجَمَّعُ متواضعٌ، وقد طالما مررتُ به، وأنا في الحافلة، فلم يُثِر انتباهي كثيراً. المبنى عاديّ من القرميد الأحمر الذي أمسى بُنِّـيّـاً بفعل الدهر والمطر. مبنىً يكاد يخلو من الناسِ، إلاّ أولئك الذين يتركون مكاتبَهم في الداخل، ليلتذّوا بتدخين سجائرِهم، وبالهواءِ الطّلْقِ.
أمسِ، كنتُ عائداً بالحافلة، من البلدةِ إلى منزلي.
عجباً!
مبنى الحاكمية، ومحيطه، من شوارع وأزقّة، ومستديرات، يكاد ينفجر بالناس…
سيارات تلفزيون وإذاعة.
أفراد شرطة إضافيون.
أناسٌ تجمّعوا في كل مكان، يتطلّعون، ويستطلعون…
نزلتُ من الحافلة عند الموقف الأقرب، عائداً إلى مبنى الحاكمية.
سألتُ: ما الخبر؟ (خير يا طير… كما يقول الفلسطينيون) !
نَعومي كامبل، تُحاكَمُ!
انتظرتُ طويلاً، علِّي أحظى بنظرةٍ متكرِّمةٍ من نعومي، صديقتي.
لقد جئتُ كي أقف إلى جانبها، في محنتِها. لا يهمُّني إنْ عرفتْ هذا أم لم تعرف. أنا امرؤٌ مخْلصٌ ، لا أنتظرُ ثواباً على إخلاصٍ.
طال الانتظار، ولم تظهر!
ربما جاؤوا بها من طريقٍ سرِّيةٍ أو نفقٍ.
وعندما انتهتْ محاكمتُها جعلوها تسلك المدخل مَخرَجاً.
■■■
في أخبار المساء، على شاشة التلفزيون، كان خبرُها، الأوّلَ …
لقد حُكِمَ عليها بالعمل الاجتماعي لمدة مئتي ساعة:
العناية بالكبار مثلاً، أو بالحدائق. تنظيف الجدران من الملصقات والغرافيتي… إلى آخر الاحتمالات المتأتية من تعبير العمل الاجتماعيّ.
■■■
لماذا حوكمتْ؟
لأنها أهانت طاقم الطائرة والشرطة حين فُقِدَتْ حقائبُها في مطار هيثرو (القاعة الخامسة) قائلةً لهم:
أنتم عنصريّون.
لو كانت الحقائبُ لامرأةٍ بيضاء لَما فُقِدَتْ!
■■■
سأظل أحبّ نعومي كامبل!