ياسر عبد اللطيف *أحياناً
أتعثرُ على أرضٍ غريبة
بلا عصا أتوكأ عليها
ولا أهل ولا سكن
بلا صحبة ولا مال
فلا أجد سوى حضور ابني الطفولي
لأستند على الفراغات في لغته
وعلى براءة وعيه تتلمس الدنيا
بنور الوجود الهيدجري.

■ ■ ■

أجلسُ عند أقدام جبلٍ شاهق
جبل حقيقي
أقضم تفاحةً
وأحاول اعتصار
آخر قطرات للغنائية
تبقت بروحي.
فجأةً، وعند منعطف
تضربني الطبيعةُ بحضورها
أنا الذي لا يعرف سوى الماكينات الخربة
والمقاهي التي يتفجر بها اللعاب القومي
أنهاراً من الكلام
أجلسُ عند أقدام جبل حقيقي
أقضم تفاحةً...


■ ■ ■

ننحدر مع الطريق من القمم الجليدية
نحو السهول اللانهائية بأنهارها السبعمائة.
بإمكانك أن ترى دوامات الرمال تتصاعد
 دوائر صغيرة بمحاذاة الأرض
تتسع إذ تبلغ عنان السماء.
بإمكانك أن ترى ذئب القيوط
يعبر متهيباً من ضخامة الأبقار.
 هنا قُضاعات وبنات عُرس وقنادس للماء
 وسناجب للأشجار وأرانب طليقة
ودببة غبراء تأكل الكرز والتوت.

■ ■ ■

ولقد رأيته هناك
متوسداً ذراعه في أحد الحقول
بغرابٍ عظيم على كتفه
ينهش رأسَه مُعملاً منقاره الداكن
في هلام مخه الأبيض
بينما هو شاخص ببصره إلى السماء
مستسلماً بابتسامة للجنون
يسقط نفسَه من نفسِه
كإصبعين، سبابة ووسطى
تخلّيا
دون اكتراث
عن عقب سيجارة بلله المطر.

■ ■ ■

كل رسالة لا تلقى رداً
هي انتظار مهين بين عدم الفهم والغضب
النوم يبدأ من الكتف
وإذا جاء عفواً من مكان آخر
يلتبس بالموت أو الشلل
بكلمة حب قيلت خطفاً
ثم انطوت بين ثنايا الكلام العادي
تهدهد الروح حتى يأتي الخدر
كبحر ينحسر في جزر بطيء
يتراجع اليوم الفائت على أغطية السرير
 فيجتاز هضبة الأقدام
ويدخل الزمن في علبته السوداء
بانعكاسات باهتة من فانوس الأحلام
فهل الليل هو فضاء هذه العلبة
أم هو العين الساهرة التي
ترى لعابك وقد سال على الوسادة.

* شاعر مصري