قبل ثماني سنوات، أقيمت في القاهرة ورشة «الرواية الأولى» لكتابة الرواية بالتعاون بين الروائي ياسر عبد اللطيف ودار «الكتب خان للنشر». الكاتب المصري الشاب محمد ربيع (1978) كان ضمن المشاركين، وأنجز روايته الأولى «كوكب عنبر» ضمن فعاليات الورشة. بعد أشهر، حصلت روايته على «جائزة ساويرس» في فئة الكتّاب الشبّان.
منذ ذلك التاريخ أصدر ربيع ثلاث روايات. مع كل عمل جديد كان الروائي المصري يؤكّد للقارئ والناقد على حدٍّ سواء أنهما بصدد نموذج وصوت مختلفين، هناك شخصية للكتابة وحالة تتشكّل على مهل. جاءت الرواية الثانية «عام التنّين» لتصل إلى القائمة القصيرة في ذات الجائزة. قبل أن يحقق ربيع قفزته الكبرى بالحضور في القائمة الطويلة ثم القصيرة في الجائزة العالمية للرواية العربية «البوكر» في دورتها الحالية بروايته «عطارد» (دار التنوير) التي لاقت حفاوة نقدية كبرى وحقّقت أربع طبعات في فترة وجيزة.
لا تتكئ «عطارد» في فنّياتها على الطبخة الكلاسيكية السائدة، أو ذلك النمط الذي اعتادت «البوكر» تسليط الضوء عليه، لذلك، ربما، يبدو حضورها في القائمة القصيرة إشارة واضحة إلى أن هذا العمل يحظى بفرص قويّة للغاية في الظفر بالجائزة الكبرى، إذ يبدو حضورها «الناتئ» وسط «المين ستريم»، إشارة واضحة إلى تحوّل في ذائقة لجنة التحكيم لهذا العام. واعتراف بالصيغة المصرية للرواية الحديثة. تلك التي راحت تجنح مؤخّراً لتقديم عوالم كابوسية أو كارتونية، في فضاء مكاني هو نقيض مباشر لليوتوبيا. مدن الخراب، أو الدستوبيا.
هذا المزاج السوداوي يبدو واضحاً في «عطارد»، ويبدو سمة بارزة في مشروع محمد ربيع بدءاً من روايته الثانية «عام التنين». كما يبدو أنه يشكّل مساحة كبيرة من تصوّراته لجماليات السرد المتفاعل مع محيطه العجائبي.
«كلمات» التقى محمد ربيع في القاهرة، وكان الحوار التالي:



■يتوصّل «عطارد»، بطل روايتك إلى حقيقة خلاصتها أننا في الجحيم منذ زمن طويل، كل ما في الأمر أننا لا نعرف حقيقة كوننا في الجحيم... لماذا اخترت أن تبني روايتك على هذا التصوّر العدمي؟
ـ ربما ليس هذا تصوراً عدمياً، خلال السنوات الخمس الماضية رأيت تحولات كبيرة في مواقف المصريين، رأيت أيضاً ما أحزنني وآلمني، وهو انحياز المصريين وتأييدهم للقوة والبطش، وكراهيتهم للحرية والحق، أليس هذا انحياز كابوسي؟ كذلك رأيت الكثير يُقتلون بدم بارد، وبلا أي أمل في محاكمة حقيقية للقاتل، بل رأينا جميعاً كيف تم تبرئة القتلة واتهام آخرين مجهولين بالتهمة نفسها. كل هذا لم يكن منطقياً أبداً، وبدا لي أنه سيصبح منطقياً في حال إن كنا نعيش في الجحيم، وإن كان كل ما حدث نوع من العذاب. حينها بالطبع سيذهب تفكير المرء بعيداً في التاريخ البشري، وبالتأكيد سيتساءل إن كان ما حدث من حروب ومذابح خلال تاريخنا جزء من عذاب أكبر، وإن كنا نعيش كلنا في جحيم ما، مختلف عن الجحيم الديني كما نتصوره، الذي يأتي بعد الموت كجزء من العدالة الإلهية.

■ انتقلت بين زمانين في الرواية، فترة ثورة يناير 2011 وما أعقبها... وفترة الاحتلال الأجنبي لمصر في 2025. ولكنك اخترت أيضاً العودة إلى عام 455 هـ ؟ ربّما لتبرهن على قِدَم نظرية «نحن في الجحيم منذ زمن». ألا ترى أن هذا الفصل كان بمثابة نتوء في نسيج العمل؟
ـ كثيرون اعترضوا على هذا الفصل قبل النشر، وبعدما قرأ الكاتب والصحافي سعد القرش الرواية قال لي بصراحته المعهودة: «أنت تركت هذا الفصل كجزء من الرواية لأنك «استخسرت» أن تحذفه، لكنه لا يمت لها بصلة». كما ذكرت أنت، أهميته الواضحة تكمن في إعلام القارئ بشكل صريح بكوننا في الجحيم بالفعل، وبقدم الجحيم، وعلى الرغم من الإشارة الصريحة تلك، إلا أن الفكرة لم تصل إلى الكثيرين! لكن مع كل ما سبق لم أتردد مطلقاً في ما يتعلق بوضع هذا الفصل في الرواية، ولا أعرف الأسباب التي دعتني لكتابته - غير أنه يشرح بشكل مباشر فكرة قدم الجحيم - لكن ثمة أسباب أجهلها أنا نفسي أجبرتني على كتابته.
هناك دائماً فكرة خيالية لدرجة أنها قد تكون مضحكة، لكنني أحاول الكتابة عنها وأسعى إلى أن أقنع القارئ بأنها حقيقية

■ أنت لا تكتب الواقع، لكنك بالمثل لا تتنصّل منه... كيف وصلت معك القاهرة إلى هذه الدرجة من الخراب والدستوبيّة؟
ـ القاهرة وصلت بالفعل إلى خراب مماثل، عليك أن تدخل عمارات وسط البلد الفاخرة سابقاً لتفهم ما أقصد، في الرواية مشهد يصف عمارة في شارع شريف من الداخل، وهو مشهد واقعي تماماً، والوصف مطابق لعمارة في وسط البلد بالفعل، هناك حالة عامة من الانهيار البطيء تحدث في القاهرة، لكن لأننا نرى علامات هذا الانهيار تزداد كل يوم رويداً رويداً لذلك لا نلحظه.
إذا نظرت حولك وتمعّنت، سترى انعدام قدرتنا كمصريين على التنظيم والتخطيط والعمل، سترى أننا نهتم كثيراً بالكلام ذي الطابع الإيجابي، نطبق مثلنا الخالد "الصيت ولا الغنى" لكننا لا نفعل أي شيء آخر ونكتفي بالكلام الجميل و«الزيطة». لم ألاحظ هذا إلا عندما استمعت إلى انتقادات زملاء عمل عرب، قالوا إن الأداء العام - في ما يخص العمل - في القاهرة سيء جداً، الإيقاع بطيء جداً، وبمجهود كبير يتم تنفيذ أبسط المهام، قالوا إن هذا الجو العام أثر سلباً على معدل أدائهم المعتاد. وأظن أننا لا نلحظ كل هذا لأننا غارقون فيه تماماً.
نحن نهتم كثيراً بالكلام، ونهتم بأن نكون واثقين من أنفسنا، قبضتنا مرتفعة في السماء، بمظهر قوي يرهب الأعداء. لكننا لا نفكر أبداً في تحسين التعليم، أو تحفيز الناس على الإبداع، أو حث الناس على إتقان العمل، ونرى أن الحل الأفضل للمشاكل يعتمد على أن نعلن أن لا مشاكل.

■هناك مساحات مسرودة بضمير الأنا، وأخرى مسرودة بضمير الـ «هو» أو الراوي العليم. هل اقتضت هندسة هذا العالم أكثر من تقنية لتجعله عالماً جحيمياً؟
ـ الراوي العليم في الرواية هو الجحيم، والفصلان المكتوبان بصوت الجحيم يظهران مدى خداعه للناس وللقارئ أيضاً، كما أخبرتك من قبل فالجحيم في عطارد لا يشبه أبداً ما عرفناه من الثقافة الإسلامية أو المسيحية، وصفاته تظهر في هذين الفصلين، الجحيم هنا يستمتع بعذاب الناس، ويعتبر أن خداع الناس أشد أنواع العذاب.
من ناحية أخرى كان من الضروري أن يظهر صوت أحد المعذبين في قلب الجحيم، وأن يتابع القارئ رحلته، ويراه متحيّراً إزاء ما يحدث حوله، ويشاهد كيف تغيرت آراؤه مع كل خطوة خطاها.

■ أين تضع «عطارد» بالمقارنة مع روايتيك السابقتين «كوكب عنبر»، و«عام التنّين»؟
ـ ربما ستقرأ هذا الكلام لأول مرة، أظن أن «كوكب عنبر» عمل ساذج جدًا. توصّلت إلى هذا الرأي في أثناء مراجعة بروفة الطبعة الثانية منذ سنوات، ولا أعرف إن كنت نادماً على كتابة شيء بهذه السذاجة أم لا، هي تجربة أولى بريئة تماماً. كنت دائماً أرى أن هناك خطاً فاصلاً بين البساطة والسذاجة، وفي «كوكب عنبر» تخطّيت ذلك الخط. لكن «عام التنين» لم تكن كذلك بالنسبة لي - على الأقل حتى الآن - هي رواية أكثر تعقيداً، وفيها الكثير من التفاصيل، وربما هذا ما جعل القراء يفضلون «كوكب عنبر» عليها. حتى اليوم أظن أن «عام التنين» ظُلمت ولم تتلق النقد الكافي، وربما هي رواية سيئة تماماً لذلك لم يهتم بها أحد.
كتبت «عطارد» بعد قتل الرقيب الداخلي، وهي أصدق ما كتبت حتى اليوم، وأحياناً أعود لأقرأ فقرة، أو أستمع لأحد الأصدقاء وهو يسألني عن مشهد أو شخصية في الرواية، فأتعجّب كثيراً وأسأل نفسي كيف تجرّأت وكتبت مثل هذا؟ ستندهش كثيراً حينما تطلق لنفسك العنان وتكتب بعيداً عن أي رقابة أو سلطة.
أتمنى أن أكتب هكذا دائماً، على الرغم من كل المشاكل التي قد تظهر بسبب الكتابة بتلك الطريقة.

■ روايات الدم والعبث آخذة في الزيادة، إن كنتَ تشاركني الرأي. ما تفسير هذا التصاعد؟
ـ قد يفسر البعض أن هذا نتاج العنف الظاهر في حياتنا كعرب اليوم، لكني أظن أنه مخرج من هزيمة الثورات العربية على يد الأنظمة الحاكمة، أظن أن هذا العنف الدموي موجّه في الأساس لهذه الأنظمة، هذا بديل عن العنف الذي يقوم به البعض بالفعل تجاه الأنظمة، وبديل عن حالة الاكتئاب التي يقع فيها البعض الآخر من دون أي طريقة لتفريغ طاقة الغضب الكامنة. الكتابة وسيلة لإطلاق الطاقات والتخلص من الهموم، وربما يستخدم الكتاب العنف كأداة للانتقام أو التشفي، أو حتى - في حالة عطارد - للتخلص من هم الهزيمة. لكنها ليست صرخة إنذار كما قد يرى بعض القراء، أظن أننا وصلنا الى النهاية بالفعل ولن نفيق مما نحن فيه أبداً.

■ أثناء الكتابة انشغلت بالدراما. أم بتبطين تلك الدراما بدلالات ومستويات مختلفة للتأويل؟
ـ لا أظن أني انشغلت بالدراما مطلقاً، ستجدني «ساقط» دراما إن صح التعبير الدارج. لكن هناك دائماً فكرة خيالية لدرجة أنها ستكون مضحكة إن حدّثتك عنها، أحاول الكتابة عن هذه الفكرة وكل ما أريد هو أن أقنع القارئ بأنها حقيقية. قد أبالغ في الوصف كما حدث في «عطارد»، وقد أربطها بالواقع والتاريخ كما حدث في عام التنين. وهما حيلتان ناجحتان دائماً في إقناع القارئ بصحة الفكرة الخيالية.

■ سبق لك الفوز بـ «جائزة ساويرس» في الرواية عن «كوكب عنبر». كما وصلت روايتك «عام التنين» للقائمة القصيرة مؤخراً، وها أنت في «البوكر».... بشكلٍ عام كيف ترى تأثير الجوائز على الكاتب؟ وهل هي معيار دقيق للجودة؟
ـ هي بالتأكيد مشجّعة للكاتب، البوكر على وجه الخصوص توسّع دائرة القراء كثيراً، هل تعلم أن «عطارد» طبعت حتى اليوم 4 طبعات؟ هذا شيء لم أكن اتخيله أبداً! لكن أيضاً الجوائز مخيفة، فهي تجعل الكاتب يفكر كثيراً في ما يكتب بعدها، يريد أن يكون عمله أفضل وأفضل، يريد أن يظل على القمة ولا يتركها، وقد يصل إلى مرحلة الخوف من الكتابة. الجوائز علامة نجاح بالتأكيد، وأظن أن على الكاتب الفائز بجائزة أن يتعامل معها على أنها خطوة في الطريق، وليست نهايته.

■ والبوكر بالتحديد وقد شارفت على عامها العاشر... كيف تقيّم مشوارها؟
ـ أفضل ما في الجائزة أن أحداً لا يتوقع ما تأتي به! من كان يتخيل أننا سنسمع عن شكري المبخوت؟ أو أحمد سعداوي؟ من يتخيل أن تصل «عطارد» أصلاً إلى القائمة القصيرة؟ الجدل الدائر حول الجائزة يثير ضحكي في كل عام، هو في أغلب الأحوال جدل غاضب يصدر من أشخاص نثق في رأيهم ونحبهم، لكن هذا الجدل الغاضب يصب دائماً في خدمة الجائزة! وهو عامل يضاف إلى عوامل كثيرة تجعل الجائزة والمرشحين لها أكثر شهرة... ألا يدرك الغاضبون ذلك؟

■ بدأت مشوارك الأدبي برواية كانت نتاج انخراطك في ورشة للكتابة. تولّى تنسيقها الكاتب المصري ياسر عبد اللطيف. كيف ترى ورش الكتابة. وهل هي قادرة على إنتاج كاتب جيد؟
ـ يجب أن يكون المرء موهوباً قبل أن يشترك في ورش الكتابة، لا أظن أن الورش التي أقيمت في مصر أخرجت كتاباً كثيرين، وأظن أن العيب دائماً في المشتركين، أحياناً يكونون بلا موهبة فعلاً، وأحياناً يصيبهم الإحباط أو حتى يعرقلهم الكسل والانشغال بأشياء أخرى. وإذا أردت أن تقيّم قدرة ورش الكتابة على إنتاج كتاب جيدين، فابحث عن من كتب رواية في ورشة مصرية خلال السنوات العشر الماضية، ستجد أنهم قليلون جداً، لكن على الجانب الآخر هناك الكثيرون كتبوا من دون الاشتراك في أي ورش.

■ على ذكر ياسر عبد اللطيف، من هم الكتّاب الذين أثروا تجربتك وأثّروا فيك؟
ـ هناك الكثير، التأثير قد لا ألاحظه فوراً؛ قد يعلق مشهد في ذهني، وقد تعلق جملة أو طريقة بناء رواية أو قصة، وقد أعود فأستخدم ما علق في ذهني من دون أن انتبه أين قرأته أول مرة. بالإضافة إلى الأسماء الراسخة والمؤثرة على أجيال عديدة، هناك من استمتعت بقراءة أعمالهم خلال السنوات الاخيرة: إدواردو غاليانو، حسين البرغوثي، بدر الديب.

■ مفهوم المجايلة محل جدال قديم، وهناك من ينفي هذا المفهوم. هل تؤمن بالمجايلة؟ من هم أبناء جيلك وبماذا تتّسم كتابة هذا الجيل؟
ـ أنتمي إلى جيل تعرف معظمه، هناك محمد خير ومحمد عبد النبي وطارق إمام وأحمد عبد اللطيف ونائل الطوخي ويوسف رخا وأحمد ناجي وطلال فيصل وأحمد مجدي همام. ولا زال هناك متّسع لمن هم أصغر سناً للدخول في هذا الجيل.
أظن أن الجميع حريصون على اللعب والتجريب، انظر مثلاً كيف يلعب يوسف رخا مع اللغة في «الطغرى» ولاحظ ما فعله أحمد عبد اللطيف في روايته الأخيرة «إلياس»، وهناك المثال الجميل رواية «نساء الكرنتينا» لنائل الطوخي. هناك أيضاً انخراط حاد في السياسة، بحكم معاصرتنا وانتمائنا لثورة يناير، لا بحكم انتماءات حزبية أو سياسية سابقة عليها.

■ يبدو أن الرواية العربية مشابهة لفكرة المطبخ. لكل إقليم عربي مذاقات خاصة وبهارات تسود أكثر من غيرها. لو افترضنا جدلاً صحة التشبيه السابق. كيف ترى الرواية المصرية اليوم؟ بشكل بانورامي ما هي السمات السائدة فيها والتي تتجلّى أكثر من غيرها؟
ـ يبدو أن الرواية التجارية هي رأس الحربة الآن في مصر، أسماء مثل أحمد مراد ومحمد صادق وعمرو الجندي أسماء لامعة جداً، هؤلاء يكتبون روايات تجارية تبيع آلاف النسخ، وأرى أنهم - مع آخرين - قاموا بجذب فئة لم تكن تقرأ، أو ربما لم تكن لتقرأ ما يكتبه «جيلنا». لا أظن أن هذا المذاق موجود في باقي الدول العربية بل هو خاص بنا فقط.

■ لم تنشر سوى الروايات... ماذا عن القصة القصيرة ؟
ـ كتبت مجموعة ولم أوفّق في نشرها، لكن في النهاية أتعامل مع القصص على أنها استراحات صغيرة بين رواية وأخرى.

■ كيف ترى سوق النشر في العالم العربي؟
ـ حسب ما فهمت، سوق الكتاب في الخليج العربي مزدهر جداً، والسعودية في القمة من حيث إقبال الناس على شراء الكتب، وأعرف أن هناك إشارات كثيرة لاهتمامهم بالقراءة والنقاش وربما نقد الكتب نقداً بسيطاً. وهو ما لن تجده في مصر مثلاً على الرغم من الفارق الكبير في عدد السكان.
أما بالنسبة للنشر فما زالت دور النشر اللبنانية في الصدارة، يدعم ذلك الخبرة الطويلة والإصرار على وجود محّررين في دور النشر يتابعون عملية صناعة الكتاب. وأؤكد أنها صناعة معقّدة وذات قواعد وأسس، لكن هناك دائماً الحس الذي يجعل ناشراً يوافق على نشر كتاب لن يباع، فقط لأنه يرى أنه عمل ممتاز ويستحق أن يكون موجوداً في المكتبات.
دور النشر المصرية في حال سيئة جداً، والقليل فقط يقاوم ويحاول أن يعمل وسط الكثير من المشاكل، ويبدو أن هناك دور نشر تتعامل مع الكتّاب على أنهم مصدر للمال، وليسوا مصدراً للإبداع.

■ متى تأخذ رواياتك نصيبها من الترجمة أو التحويل إلى أعمال درامية؟
ـ انتهى روبن موجر من ترجمة رواية "عطارد" إلى الإنكليزية، كانت هناك محاولات لترجمة «عام التنين» إلى الألمانية لكن يبدو أن القراء الألمان لا يحبون الأدب العربي كثيراً، لذلك لم يوفّق المترجم في الوصول إلى اتفاق مع أي ناشر.

■ مؤخّراً أدين الروائي أحمد ناجي وحُكِم عليه بالسجن بسبب روايته «استخدام الحياة». ما تعليقك على ذلك؟
ـ هذه كارثة، تُظهر بوضوح المزاج المحافظ للدولة ككل، يبدو أن الدولة ترى أن مجموعة من «العيال» قاموا بـ «شغب» في يناير 2011، ويظن رجال الدولة الآن - ومعهم جزء كبير من المصريين - أن عليهم إعادة تربية «العيال» الذين خرّبوا الدولة. أحمد ناجي حتماً ضمن هذه الفئة من وجهة نظرهم. أقول ذلك لأني حضرت المحاكمتين، ورأيت أن وكيل النيابة الذي كان منفعلاً متحمّساً، يتعامل مع القضية على أنها معركته الشخصية لا كشكوى من مواطن مصيرها الحفظ. هناك بالطبع مطالبات بالإفراج عن ناجي لمخالفة الحكم للدستور، من دون انتظار حكم النقض كما تقتضي الأمور في مثل هذه الحالات.
لكن يبدو أن قضية ناجي لن تكون الأخيرة، وهي قضية حرية تعبير تتشابه كثيراً مع ما حدث مع إسلام البحيري وفاطمة ناعوت، فالثلاثة عبروا عن رأيهم بصراحة ومن دون نفاق أو مداراة، وحوكموا وأدينوا، والفارق بين الثلاثة مواقفهم من السلطة الحاكمة في مصر الآن.
ـــــ
إنسيرت:
هناك دائماً فكرة خيالية لدرجة أنها قد تكون مضحكة، لكنني أحاول الكتابة عنها وأسعى إلى أن أقنع القارئ بأنها حقيقية