تمهيد لا ضرورة لهتكاثفت الصدف ذلك اليوم لتجعل من حياة كل واحد من ثلاثتهم جحيماً، في يوم شديد البرودة من أواخر أيام شهر آذار الباردة. وسيعرف من يعود إلى ذلك اليوم، أن عوالم انهدت بعده، وحقائق وأكاذيب،...
أيمكننا أن نوغل في ظلام الأمسبمصابيح الغد؟ رأيت أسلحتهم وخوف أمي، ذلك المشهد من طفولتي، يدقُّ بابَ ذاكرتي، رجل يرمي الأوراق في كل مكان، وقد عاد عمي للتو من العمل، لم ينزع عنه ثيابه بعد، تمددَ على...
1. تضحية أخرىانتظارٌ غريبما يملكه الوقت من وقتلا يعرف ما يفعل بههذه المسامير من الزّمن المتوقّفةأمام بوابة الجلجلة الجديدة مثل مصادفة تتظاهر بقراءة الغيبتمرين أخير لدقيقة صمت
«بُنيت هويّة الشعوب البدائيّة على نشوة شامانيّة، على هذه العلاقة الافتتانيّة مع العالم الآخر، حيثُ يستطيعُ كلّ رجلٍ، بفضل هبة الأحلام، أن يختلط بالدنيا الثانية» (جان ماري غوستاف لوكليزيو: «الحلم...
لمعت كلوبَّات الإنارة في الصالة الوسيعة كألف شمس.نضرب الأرض بمعاولنا كمن ينتقم من عدو قديم. كنا أربعةً وخامسنا شيخنا؛ أنا وأحمد ومصطفى وعيد، أما الشيخ، فقد كان مسعد. يقولون إن الاستعانة بشيخ ورع، ذي...
صحيح أنّ ارتفاع القمر في ليالي الصيف القائظة لا يمكن أن يكون إلا منظراً مبهراً ومسليّاً بالنسبة إليّ وإلى أطفال الحيّ في بلدتنا، لكنه يراوغهم بحجمه المتغيّر حسب الفصول والزمن. يلهثون راكضين وراء ضوئه...
في بناية عادية في ضاحية بيروت الجنوبية، لا يمكن أن تلفت انتباه أحد، ثمة مكتب سفريات، في الطبقة الثانية، ذو شعبتين: داخلية ترفيهية، وخارجية تنظم رحلات سفر لبعض الدول، وأماكن الإقامة فيها، ومدتها. وإلى...
تعلَّق بيكاتشو بالحائط ذاهلاً، كان قد غفا ساعات قليلة، وصحا على جلبة أعقبها ما يراه من فوضى لا يستطيع فهمها، آلاف السيارات تتحرك أمامه ببطء شديد، ومئات العمّال يتراصّون على جانبَي طريق سيارات طويل لم...
باريس.مستشفى بومبيدو.الإثنين 27 كانون الأوّل (ديسمبر).فجوة من الضوء في سماء مضطربة. تلك هي الصورة التي ولّدتها الموسيقى في رأسه. ترسم الجملة الموسيقيّة الطويلة لآلة التشيلو تموّجات مُنوّمة تحثّ على...
أمضى سالم الأيام التي تلت نقل الأجنّة إلى رحمي محاولاً أن يؤَمِّن لي كل وسائل الراحة مدفوعاً بأمل الأبوَّة، آملاً أن أحد الأجنة المزروعة في رَحَمي سيتمسّك بي ويُبصر النور بعد تسعة أشهر. لكنّ شيئاً من...
اسم «مهدي» بالخط الديواني، بريشة إسلام بن الفضل. ولدتُ في جنوب البلاد/ يوسفها، قبل أن يتوقف «أشقاؤه» عن نظم القصائد المنافقة له على حافة البئر، وينتقلوا إلى شحذ سكين قاتله تحت شمس النهار. كان زمن...
1- بلاغة أجملُ من كل الأوسمةالتي على الصدور،أروعُ من كل النجوم التي تؤنس ليلَ الغرباء،أجمل من كل الكلمات،أدلةُ المَحبةِ الحمراءالتي ترسمها شفاهُك على صدري،بقايا العضّات
تشكّلت الهوية الثقافية لليبيا عبر تراكمات وروافد تاريخية جعلتها خلطة متناغمة من الثقافات الأمازيغية، الأفريقية، العربية والإسلامية. وفي العصر الحديث، كان ظهور الإعلام فيها أول نواة للحركة الثقافية...
خلال حياتي الحافلة بالعواطف المبالغ فيها، رأيت نساءً كثيرات يبكين بسبب الحب بأشكاله المختلفة، وأساليبه المبتكرة في تعذيب القلوب، من دون المساس بهيبة مكانته وكونه أكثر كائنات الحياة براءة...
النظم يُعدّل اتّجاه الحذاء بقدميه قبل أن يلبسه، أما النثر فمثل طفل يُديرُ جسدَه كلّه.■ ■ ■الشعر طائر عائم، وهو على البرّ يهرب من الموجة.■ ■ ■أكتب الشعر لنوعين من القرّاء:للشعراء، وللذين تمنّوا لو...
من الغلاف الخلفي: في يوم شتائيٍ ماطر من عام 1985 غادر كلٌ من أمينة وفريد مسكنهما في حي بيضون في بيروت إلى منطقة عين الرمّانة القريبة قاصدَين المعلّم برجيس، خبير أجهزة التسجيل الماهر. وحده برجيس قادر...
الزهرة التي كانت زرّاً صغيراًتفتحت في غيابيككلّ الأشياء التي حين أتركهاتأتي إليّ■ ■ ■حين أفرح بزهرة في حديقتيفأنا أفرح بزهور العالم كلّهحين أحبكأحب الناس جميعاًأنا متعبة
الجلسة الأولى«عليكِ أن تسمعيني» بصوت عالٍ مليء بكل أشكال الغضب وأطيافه، قلت لها من دون أن أتوخّى تلقّي أي ردّة فعل عكسيّة أو مشابهة للفعل الذي اقترفته. في نهاية المطاف، أنا هنا، في عيادة للأمراض...
تتحدث بالـ«قاف»، بـ«قاف» مفخمة. تواظب على ذلك رغم تركها بتاتر منذ أكثر من أربعين عاماً، ورغم أن أولادها جميعاً وكل من يحيط بها تمرّسوا مع الوقت بلهجة بيضاء. تطرق يومياً بابنا الملاصق لباب منزلها...
كلماتي لا تنتشر في هذا المكان المُفرغ من المحبّةِوإن تجاوزَ صوتي المُتهَدّج جغرافيته فإنه لا يتعدى باب منزلي الصّغير الحزينتترقرقُ الدّموع في عينيَّ كشرارةِ النّارأو مثلما تساورني طفولتيكي تسألَ عن...
رافقني في رحلتي تلك، دليلٌ ذو وجهٍ حزينٍ، سار أمام البغلِ الذي أمتطيه، وهو يهمهمُ، ويطوِّح رأسه إلى الجانبين، لم يلتفت حين سألته، بعدما سرنا لأكثر من ساعةٍ، في الطريقِ الذي يتلوى بين تلالٍ شاهقةٍ: -...
قلقٌ ويأسٌ يساورانني هذه الأيّام. لم أشعر بمثلهما كما أشعر الآن. لم أكد أشفى من جراحة أو مرض حتّى اُبْتَلى بمرض جديد. ها أنا أدخلُ إلى الحمّام مرّات عدّة في السّاعة، ولا أتبوّل إلّا قليلاً، وأحياناً...
كعادتها كلّ يوم تضع في سلّتها بعض الطعام، وكتاباً يسلّيها أثناء النهار، وتعتمر قبعة قش تقيها حرارة الشمس، ثم تنطلق في جولتها الصباحية على درّاجتها توزّع البريد على بيوت القرية والجوار: رسائل نعي،...
1- بغدادبغداد دمعة داسها القطاروتبخّر الأصدقاءمع الغيوم.2- الدموعكل يوم أنظر إلى حياتي وهي تنخفض مع الزجاجات الفارغةفي المطبخكل يومأتسلى بالدموع وهي تنقلب على الطاولةقرب السرير.
صباح الخير يا عدوي!وأنت تشرب قهوتك هذا الصباح في بيت جدّي في يافا، وتبكي على جدّك في وارسو في ذكرى المحرقة، هل تصدّق أنني أبكي عليه أنا أيضاً، وأنا أشرب قهوتي بعيداً عن يافا في مدينة اسكندنافية جنوب...
الطريق طويل جداً. وصلتُ إلى منتصف مسير التسلّق في وادي المختارة في الشوف، وشعرتُ أنني أُنهكت، وأنني أحتاج إلى طاقة تدفعني إلى نهاية المسير. كنتُ عالقةً هنا، لا أنا مع المتقدّمين في الطريق ولا أنا مع...
كنتِ منيعةً ضدّ أوبئةِ الصّداقة، المدرسةِ أو الحب، وكنتُ أثبُ من على سياج نحافتي، لأكتملَ بكِ، لكنّ الهيكلَ العظميّ لعاصفتي سُرعانَ ما يتهدّمُ تحت ضرباتِ ريشتكِ.آه، لقد حفظتُ المعوذتَين، أنا الكسولُ،...
مرحباًاسمي رنا: عمري ثلاث عشرة سنة، ابنة شاعرٍ يُعاني من اضطراب الهوس الضاحك، نعيشُ سويّةً، وحيدينِ تقريباً، في منزل يضجّ برائحة الخمر وصوت فيروز ليلاً وعبد الباسط صباحاً، أبي يحبُّ الحياة من طرف...
حزمت حقائبي، سأخرج من بيتي أنا أيضاً. عدت لسنوات حين باع الجميع بيوتهم، واحداً بعد آخر، كان سعر البيت يساوي أحلام رجل لم تطلع عليه الشّمس. «وأخيراً سأقول للفقر اغربْ عنّي»، قال فرحان، وهو يفتح فمه...
التقيت اليوم بصديقة أنصت لها بدقة كلما تصادفنا. أخبرتني عن صديق مشترك قطع عمله الذي تحصّل عليه بعد جهد جهيد في دولة مجاورة وعاد ليعتني بوالده في مرحلة متقدمة من مرض صعب. حدثتني عن تدفئة غرفة وإمكانية...
الحب في منتصف الثلاثين يصير لاذعاً كعصرة الليمون بعد شرب التكيلا.كوخز الإبر في المستشفيات الملوثة. كانهيار العمارات في الأحياء الفقيرة.الحب في منتصف الثلاثين شرس وسادي ومحبط للغاية، منطوٍ كامرأة حامل...
نظرتُ إلى والدتي متعجّبة، وحين رأتني ابتسمَت ابتسامة هادئة. كم أحبّ ابتسامتها. حين تبتسم أشعر بأن العالم يغدو أجمل.كنت قد رجعتُ إلى البيت بعد يوم شاقّ في العمل، فوجدتها قد أخرجت كل دروع التقدير...
وقف أمام مرآته النصفيّة التي تعكس قسمه العلويّ، يراقب خصلات شعره، فيُعيد تصفيفها، ويغيّر التّسريحة التي اعتمدها بعد طول وقت من غياب مقصّ الحلّاق عن شعره، فالحَجْرُ فرضَ عليه البقاء في البيت أياماً...
في سنة 1964، كانت قد توطّدت صداقة عميقة بين الفنان ألبرتو جياكوميتي والكاتب الأميركيّ جيمس لورد. وحين زار هذا الأخير فرنسا في نفس السنة، وكان على وشك المغادرة، اقترح عليه ألبرتو أن يرسم له بورتريهاً،...
كأن ظلّ الأوراق الخضريتماوج على صفيح مشمس كي يؤنسني ويهمس لي أن الحياة تتحرك■ ■ ■لم أقل يوماً أني شاعرةهربت من الشعر مراراًقلت في نفسي إن طعم السكر ألذ من الشعر
أكثر من دلالة توجدُ على أنَّ المطرَ يغسل الشجرَ ويطهِّرُ الوجوه. وأكثر من دلالة تشيرُ إلى أنَّ الشمسَ تدفئ العظام. أكثرُ من تطبيقٍ للفكرةِ التي تقول بسلامةِ الحواسِ، إنَّ العالمَ شاسع. دلائل كثيرة،...
لم أعد أذهبُ إلى المكتبة لأقرأ ولا لأكتب بل لأستعير كتاباً، أواصل تقليب صفحاته بلا تركيز، بينما يظل ذهني مشغولاً بالماكينة التي يعيد من خلالها زبائن المكتبة ما استعاروه من كتبٍ، وُضعت تلك الماكينة...
أسمعُ ضجيج الموسيقى ولا أفهمُ شيئاً، إلّا أنّ شهوة الجمال في داخلي تلتقطُ سرّ الألحان بسحرٍ رهيب...أصفّق بيديَّ الصغيرتَين كما رأيتُ الطفل الصغير يفعلُ في التلفاز... أشعر بالبرد الشديد وبالحاجة إلى...
أخرجت البنت ثديها الكبير من فتحة صدر فستانها، ووضعته في فم أبيها. أبٌ عجوز، بلحية وقورة، لكنّه قويّ كحصان، بعضلات مفتولة، ورأس حليق، ولباس قديم، يشبه لباس سكّان روما القديمة في التّماثيل.الأب يرضع،...
جلست على كرسيٍ عالٍ مثل كرسي السلطان، وطلعت عليه بطرّاحة سميكة وملونة؛ ثم نظرت إلى الرجال الواقفين الذين لم تعرف أحداً منهم؛ لم تعرف أيّهم صلاح؟ وعصام لم يكن بينهم؛ هو الآن مع الأولاد في الحارة، أو...
نحن الذين نتحدث عن اللوعة والبرد وقهر الرجال، نسرف في الفرح حين يأتي، لأنه سرعان ما يذوب كليلة حب عابرة ولأن الزمان عندنا كائن ذكوري ينسل الهجران والوداع، فنرميه بالأدعية والنذور. ونزرع حول كرمة...