بغداد ـــ علي الخفاجي يحضّر مهندسون في المجلس البلدي ومجلس محافظة بغداد، خرائط لأكبر مشروع إعادة إعمار في العراق منذ احتلاله عام 2003. في محاكاة لإعادة إعمار وسط بيروت، ستنفّذ «شركة المعماري الهندسيّة» مشروع إعادة إعمار «شارع الرشيد» الذي يمثّل الشريان التجاري والثقافي للعاصمة العراقيّة. ويُتوقّع أن تبلغ كلفة المشروع خمسة ملايين دولار، وستبني الشركة سبعة أسواق حديثة، إضافةً إلى ترميم 254 بناية تاريخيّة. وفي وقت اعتبر رئيس مجلس محافظة بغداد، كامل الزيدي، المشروع «أفضل رد على الإرهاب»، ارتفعت أصوات تحيل إلى «شبهات بالفساد» منها صوت عباس الدهلكي، رئيس لجنة النزاهة في مجلس محافظة بغداد. إذ أشار إلى أنّ العقد الأولي لوضع المخطط مُنح لشركة «المعماري» من دون مزايدة علنية مع شركات أخرى، وهذا «مخالف للقانون». كما يذكّر الدهلكي بأن أحد أعضاء الشركة، ثائر الفيلي، كان نائباً سابقاً لوزير الإعمار، وعضواً حالياً في هيئة استثمار بغداد وهي الهيئة المانحة للعقود المرتبطة بالمشروع. من جهته، يؤكّد الفيلي أنّ أي شركة أخرى لم تقدم عرضاً على عقد التخطيط الأولي. يُعتبر شارع الرشيد الذي افتتح عام 1916 تحت اسم جادة خليل باشا جزءاً لا يتجزأ من تاريخ بغداد. شهد أحداث «جامع الحيدر خانة» خلال ثورة العشرين (1920) الممهدة لانتهاء الاحتلال الإنكليزي، ومنه بدأ صدام حسين مسيرته السياسية عام 1959 من خلال مشاركته في محاولة اغتيال عبد الكريم قاسم. على امتداد العقود الماضية، كان هذا الشارع ينبض بالحياة والناس والأسواق. وهو في أذهان البغداديين، الجزء الأكثر بقاءً من مدينتهم القديمة. تتصل به شوارع أخرى مهمة، كشارع المتنبي، وشارع البنوك. ويقول الناقد ياسين النصير الذي وضع كتاباً عن شارع الرشيد: «لم يحدث شيء في العراق، من دون أن يكون لشارع الرشيد دور كبير فيه». اليوم، تعكس واجهات المحال المحطمة في شارع الرشيد نهايةً حزينةً لماضيه الزاهر. الفوضى والخراب يسودان. نوافذه، كما ذكرياته المتألقة محطمة أو تكاد... فهل يأتي مشروع إعماره وفياً لتاريخه أم أنّه سيمحو ما بقي من هويته؟