الناصر المحتلة | صادق الكنيست الإسرائيلي أوّل من أمس على اقتراح قانون تقدّم به عدد من أعضائه من مختلف الأحزاب السياسية، يُلزم بتدريس اللغتين العربية والعبرية في المدارس اليهودية والعربية الحكومية ابتداءً من الصف الأوّل. وسبق للنائبة حنين زعبي (التجمع الوطني الديموقراطي) أن قدّمت هذا القانون للكنيست، لكنّه لم يُقبل من قبل اللجنة الوزارية، إلا بعدما تقدّم به أورن حزان (الائتلاف الحكومي اليميني).
وفي حين اعتمدت زعبي على أنّ اللغة العربية لغة رسمية، وتعلّمها في المدارس يُعزز هوية الفلسطيني وثقافته، ويحوّل مكانتها الرسمية من شعارات إلى تطبيق على أرض الواقع، كانت دوافع بقية أعضاء الكنيست «أمنية» أساساً، ودعماً لمفهوم «التعايش» (العربي ــ اليهودي) من دون اعتراف ضمني بحق الفلسطيني في ترسيخ لغته واستعمالها.
عادةً ما يقوم عضو الكنيست بتقديم تفسير لاقتراح القانون ليُقنع بقية الأعضاء (120) بالتصويت له. وفي تقديمه للقانون، قال عضو الكنيست أورن حزان (الليكود)، والمعروف بعدائيته للفلسطينيين عامةً، وهو من الائتلاف الحكومي: «من المعروف أنّ اللغة العربية رسمية في البلاد، واللغة بشكل عام هي بوابة للثقافات والحضارات، وتعلّمها في المدارس يجب أن يعرّف كـ«قيمة» عليا، إذ تساهم في فهم الآخر (الفلسطيني)».
وفي مقابل «القيمية» التي عبّر عنها حزان، تابع موضحاً أنّ «فهم اللغة العربية يعزّز الأمن. ففهم لغة الآخر في الوضع الأمني الحاليّ يساهم في رفع مستوى ومنسوب الأمن الفردي (والقصد للإسرائيلي)، ومن المُحتمل أن تُشكل جسراً للتواصل والحوار بين الشعبين».
في مقابل وضوح حزان، فضّل زميله يوئيل حسون (المعسكر الصهيوني ــ معارض)، أحد المبادرين للقانون أيضاً، التطرّق إليه كـ«جسر للشراكة العربية ــ اليهودية في البلاد»، مشدداً على أنّ خطوته تأتي في إطار «فرض لغة حوار مفهومة، غير مشبعة بالخوف وعدم التفاهم. علينا فرض تعليم اللغتين العربية والعبرية على الطلاب، بدءاً من الصف الأوّل».
أمّا كتلة «ميرتس» اليسارية، فقالت مفسرة تقديم القانون من قبل ممثلها النائب العربي عيساوي فريج: إنّ «قرار تقليص عدد الساعات التعلمية للغة العربية في المدارس الثانوية يمسّ بالطلاب اليهود لجهة معرفة المزيد عن جيرانهم العرب. نسبة العرب في البلاد تصل إلى 20 في المئة، ومن غير المقبول ألا يتعلم الطلاب اليهود اللغة العربية».
بدورها، قالت النائبة زعبي أثناء عرضها للقانون إنّ هذا القانون يعكس «احتراماً متبادلاً» ويقدم «مفهوماً آخر للمساواة، مبنياً على أساس المساواة في الهوية والانتماء والثقافة». وشددت زعبي على أنّ «المساواة لا يمكن أن تتم من دون هوية ومن دون سياق تاريخي للأطراف، وأن اللغة هي مركب مهم من مركبات الهوية، وبصفتها تلك علينا ألا نخاف منها ولا من أي هوية تعكس انتماءً إنسانياً لا عصبياً، وألا نعتبرها تهديداً ولا مدعاة للتحريض، بالعكس فإن عدم الاعتراف بهوية الشعوب ومحاولة قمعها هو أحد دوافع الصراعات».
وأضافت زعبي إنّ «اللغة العربية هي لغة المواطنين العرب وهي لغة أصيلة في هذه البلاد، إضافة إلى أنّها لغة 52 في المئة من المواطنين اليهود الذين فقدوا ارتباطهم مع جذورهم التاريخية ومع ثقافتهم».
ونوهت زعبي بأنّ «الرامبام» الذي «يتباهى به اليهود كأحد أهم فلاسفتهم، أنتج فلسفته باللغة العربية، وأنّه لذلك يُعتبر جزءاً من الثقافة العربية التي نفتخر بها. وعدم معرفة اللغة العربية يؤدي إلى أن يصبح التراث العربي اليهودي غير متاح للمواطنين اليهود أنفسهم».
وفي حديث إلى «الأخبار»، لفتت زعبي إلى أنّ اقتراح القانون مرّ فقط في القراءة التمهيدية، وأنّ هناك ثلاث قراءات إضافية يجب أن يمر بها قبيل المصادقة النهائية، فضلاً عن أنّه «يصل أيضاً إلى ملاحظات لجنة التربية والتعليم. لذلك، من المبكر اعتباره قانوناً ساري المفعول».
وعن دوافع بقية أعضاء الكنيست من تقديم الاقتراح نفسه، رغم تصويت معظمهم سابقاً ضده، أشارت زعبي إلى أنّ الموضوع الأمني يلعب دوراً هاماً: «من حضر جلسات لجنة التربية والتعليم في الكنيست الأربعاء يلمس الهواجس الأمنية».
في المقابل، أكد رئيس لجنة متابعة قضايا التعليم، عاطف معدي، لـ«الأخبار» أنّ اقتراح القانون يمس بالطلاب العرب: «موقفنا واضح منذ البداية. قبل أن يحوّل إلى قانون، حاول وزير التربية والتعليم الحالي، نفتالي بينت (البيت اليهودي)، فرض تعليم اللغة العبرية على الطلاب العرب، لكننا حاربنا الموضوع لاعتبارات تربوية بحتة». وأوضح أنّه «في المراحل الأولى للمدرسة، يحتاج الطالب العربي إلى تعزيز لغته الأم بطريقة سليمة، قبل إدخال لغات أخرى في مراحل متقدّمة. وهذا مفضل في الصف الثالث الابتدائي وليس الأوّل».
وختم معدي كلامه بأنّه كان يفضّل «تحويل الميزانيات التي تُخصص لفرض القانون إلى حصص تعليمية للطلاب العرب، وإلى دورات استكمال وتوجيه للمعلمين العرب، للعمل على سد الفجوات ما بين التعليم العربي والتعليم اليهودي».