بلال عبوددخلت لعبة «صراع الديوك» في يوميات رائد ومحمود منذ أشهر. اللعبة التي لم يعرف هذان الشابان عنها شيئاً من قبل، تحوّلت إلى وسيلة الترفيه الأولى في ظل غياب الإمكانات المادية لقضاء الوقت والاستجمام في مكان خارج الحيّ. و«صراع البقاء» لعبة بطلاها... ديكان.
في أحد أحياء منطقة تحويطة الغدير يسكن الشاب العشريني رائد، ويفتخر بامتلاكه «ديكاً تركياً أصلياً»، يُعدّ في هذه اللعبة من أفضل الأنواع، ويصل سعره إلى ما يقارب مئتي دولار في بعض الأحيان. لعبة صراع الديوك ليست لعبة «شعبية» كما يصفها محمود، بل هي «لأشخاص محدّدين» ممن يتقنون فنّ اللعبة وشروطها. تجري معظم مباريات «صراع البقاء» مساءً عندما يجتمع أصحاب الديوك وتبدأ الرهانات على «الديك الأقوى» و«آخر ديك يبقى واقفاً». شروط اللعبة بسيطة، تديرها الديوك نفسها. كما أن هناك نوعين من المباريات: إما اللعب حتى يسحب مالك أحد الديكين طيره ويعدّ خاسراً، وإما يكون اللعب «مميتاً» حتى سقوط أحد الديكين منتهياً بالضربة القاضية.
يشارك في اللعب مجموعة من الشباب المهتمين بتربية الطيور، بالإضافة إلى عدد من أصحاب محلات بيع اللحوم والدجاج، ويكون اللعب على رهان مادي يتراوح بين عشرة دولارات وصولاً إلى خمسين دولاراً على كل مباراة، وفي إحدى المرات ربح المتباري الديك الخاسر!
لعبة صراع الديوك هي من الألعاب التي تحظرها جمعيات الرفق بالحيوان، ولكنها تمارس في العديد من الدول، وبينها دول غربية، ولكن بشكل سري. ويبدو أنها في لبنان بدأت تكتسب جمهوراً لا بأس به يرى في هذه اللعبة فرصة لتمضية الوقت كما يقول محمد رفاعي «في ظل غياب الكهرباء نتسلى بمشاهدة مباراة أو اثنتين»، إلا أنه يؤكد عدم رهانه على هذه المباريات بعكس غيره شارحاً «أولا لا أملك المال، وثانياً الرهان مرفوص لأنه قمار». في الوقت نفسه لا يعلق محمد كثيراً على موضوع الرفق بالحيوان، ويقول «فليهتموا أولاً بالبشر وبعدها يأتي دور الحيوانات»!
بعد انتهاء كل معركة لا يسلم أي من الديكين نظراً لشراسة المعركة، فحتى المنتصر يكون قد تعرض لإصابات بالغة نتيجة وضع تجهيزات حديدية في قوائمها أو برد أصحاب الطيور أطراف القوائم التي تتحول إلى ما يشبه الشفرات «لتصبح ضربتها أقسى» كما يصف مالك أحد الديوك. وعامل «الاستشراس» مقصود و«مشغول» عليه، إذ تجهز الطيور منذ أيامها الأولى لتتهيّأ للقتال، وذلك عبر تغذيتها باللحوم بطريقة ممنهجة تجعل منها طيوراً كواسر لا دواجن كما هو معروف.
يحتشد المشجعون بشكل دائري حول ديكين يتصارعان بدون أسباب محددة، إلا أنه صراع للبقاء. وإذا تراجع أحدها أو تخاذل يتدخل صاحبه ويرميه على الديك الآخر لتحفيز قدراته، وفيما يطلق على بعض الديوك أسماء جنسيتها، «تركي» و«عربي»، تسمى مجموعة منها بأسماء أصحابها أو بأسماء خيالية وبطولية مثل «الجزار» و«عنتر» و«العقيد»...
تنتهي المباراة عادة بدماء وحماسة وبعض الأموال... والهدف ملء وقت من الفراغ بات أصحابه يلجأون إلى أبسط الأساليب المتوافرة لتمضيته.