دقّت الأجراس من أجل ارنست همنغواي أول من أمس في جميع أنحاء هافانا، إذ أحيا الكوبيّون الذكرى السنوية السابعة والأربعين لوفاته من خلال عزف موسيقى من أوبرا عايدة في منزله خارج هافانا. كما وضعت باقات الورود بجوار تمثال نصفي للمؤلف الأميركي الحائز جائزة نوبل، في الرواق الأمامي لمنزله، الذي تظلّله الأشجار حيث عاش 21 عاماً وكتب بعضاً من أعظم أعماله. وقالت أدا روزا الفونسو روزاليس مديرة المتحف الذي كان منزل المؤلف الشهير سابقاً إنّ «همنغواي كان أستاذاً محبوباً ذا شخصية قريبة وودودة». وشارك بعض السيّاح وبضعة جنود كوبيين في احتفال بسيط أقيم للمناسبة، حيث رفعوا كؤوسهم وهتفوا «المجد لهمنغواي»! وتصاعدت موسيقى من تسجيلات همنغواي المفضلة من المنزل المقام على الطراز الإسباني، بينما تفقّد الحاضرون والزوّار بعض ما بقي من مقتنيات المؤلف، وأبرزها رفوف الكتب ورؤوس حيوانات أفريقية وخزانة صغيرة لحفظ المشروبات الكحولية في وسط غرفة المعيشة. ويبدو جوّ المنزل بأثاثه القديم كأن الزمن توقّف به عند 25 تموز عام 1960 التاريخ الذي غادر فيه همنغواي كوبا لآخر مرة، بعد أكثر من عام على الثورة الكوبية وقبل أقل من عام على انتحاره في كيتشوم بولاية ايداهو الأميركية. وتقول الفونسو إن همنغواي انتقل إلى فينكا فيجيا عام 1939 العام الذي سبق نشر روايته «لمن تدق الأجراس» (1940). وقبل أن ينتقل إلى منزله في ضواحي هافانا كان همنغواي يكتب في حجرة في فندق «امبوس موندوس» في قلب العاصمة القديمة. وقد تحوّلت الغرفة حالياً إلى متحف مثل منزله كجزء من آثار همنغواي التي تجتذب آلاف السيّاح كل عام إلى كوبا. كما أن هناك مباني كثيرة تحمل اسم «همنغواي» في تورونتو كندا، وشيكاغو وفلوريدا وإسبانيا.
وكانت حياة همنغواي مليئة بالمغامرات حيث عمل بدايةً كصحافي ثم تقدّم بطلب للانضمام إلى الجيش الأميركي أثناء الحرب العالمية الأولى لكنه عمل سائق سيارة إسعاف إلى أن تلقّى إصابة وتوقّف عن العمل. لكنه تابع العمل كمراسل خارجي لصحيفة «تورونتو ستار» وغطى الحرب الأهلية الإسبانية وتنقّل في مسكنه بين فرنسا وأميركا وإسبانيا، وأحبّ المغامرة والاكتشاف فقام برحلات سافاري إلى القارة الأفريقية، وتنقّل بحثاً عن مواقع الحروب أو الأماكن الخطرة ليغطي الأخبار فيها. من أبرز مؤلفاته «الشمس تشرق أيضاً» (1926)، «لمن تدقّ الأجراس» (1940)، «الرجل العجوز والبحر» (1952) التي حصدت جائزة «بوليتزر» و«جزر في مجرى التيار» (1970)، «جنّة عدن» (1986)...
انتحر همنغواي يوم 2 من يوليو تموز عام 1961 (وكان يبلغ حينها 61 عاماً)، وذلك في منزله في ايداهو بتسديد طلقة من سلاح إلى وجهه. وكان همنغواي يعاني مرض الارتياب والهلع وتلقى علاجاً نفسياً وتناول عقاقير كما عولج بالصدمات الكهربائية التي كان يشكو منها المؤلّف ويقول إنها «تفقده ذاكرته وتخرجه من عالمه». وتخليداً لذكراه يقام سنوياً مهرجان للأدب والموسيقى في منطقة كيتشوم في ايداهو حيث يقرأ بعض الطلاب مقاطع من مؤلفاته، إضافة إلى منح جائزة باسمه والعديد من النشاطات تكريماً لمسيرته الأدبية الحافلة.
(رويترز)