راجانا حميةوتتوالى الروايات عن أولئك العاملات من جنسيات أجنبية اللواتي «دخلن في لعبة» السياسة اللبنانية (طوعاً أو قسراً): فعايدة الفتاة الفيلبينية أحبّت «الجنرال» منذ كانت تعمل في المتن عند إحدى السيّدات، فكانت في كلّ مرّة تراه على شاشة التلفاز «تصلّبلو، حتّى يحميه الربّ»، مردّدة بصوت عال «الجنرال منيح، حكيم مش منيح، مش هيك مدام؟». بعد أشهر عدّة، تركت عايدة لبنان وسافرت إلى عائلتها، لكنّها لم تنقطع عن لبنان، فكانت كلّما تذكّرت «الجنرال» اتّصلت بمنزل مستخدميها للاطمئنان عليهم... وعلى الجنرال أيضاً (!) ومرّت أشهر أخرى، لم تستطع بعدها عايدة تحمّل الغياب، فعادت إلى لبنان، ولكن هذه المرّة استأجرت شقّة خاصّة بها، وبدأت بالعمل مستقلّة. وفي إحدى جولات عملها في أحد المنازل، صودف ظهور «الجنرال» على التلفزيون في مؤتمر صحافي، فلم تتوانَ صاحبة المنزل عن شتمه. لكنّ يبدو أنّ السيّدة لم تتنبّه لـ«خط» مستخدمتها، فشتيمة «الجنرال» أمام عايدة كلفتها ترك العمل قبل إنهائه وشطب عنوان المنزل من لائحتها!
عايدة التي لم تحتمل شتيمة الجنرال، تخلّت عن الخدمة في منازل كثيرة بسببه، ولكنّها مقتنعة بما تفعله لأجله، فهي تحبّه كما أحبّت فاطمة البنغلادشيّة منطقة الضاحية الجنوبيّة بسبب السيّد حسن نصر الله. فاطمة، التي تحتفظ اليوم بصورة «السيّد» فوق سريرها وقلادة في عنقها، تتكلّم كأنّها لم تولد يوماً في بنغلادش، تعيش «الضاحية» بكلّ تفاصيلها، فبات حديثها بلغة «نحن وهم» التي يستعملها سكّان الضاحية، «يعني نحنا مع السيّد، لأنّه منيح».
بين «نحن وهم»، انقسمت العاملات الأجنبيات، ملتزمات بالخطّ السياسي للـ«ميستر» والـ«مدام»، ولكن غالباً ما يقتنعن هنّ أنفسهنّ بزعيم مستخدميهنّ، فهل سيحملن معهنّ هذا الانتماء إلى ديارهن؟