حسين بن حمزةأثار رحيل الكاتب القرغيزي ــــ السوفياتي جنكيز آيتماتوف أمس أسىً مضاعفاً لدى محبّيه. إنّه غياب شخصي يأتي بعدما طُويت صفحة ما كان يُسمّى «الأدب السوفياتي». القراء العرب الذين بدأ ولعهم بالقراءة في تلك الفترة، لن ينسوا بسهولة تلك الأعمال التي كانت تلبي تعطشهم الأيديولوجي والأدبي في آن واحد. ورغم أن الكثير من تلك الأعمال استُعمل دعايةً لتسويق النسخة السوفياتية للماركسية، إلا أن القراء الحقيقيين عرفوا كيف يميزون بين الترجمات الترويجية والأعمال التي طمح أصحابها إلى كتابة أدب صرف. آيتماتوف كان في صدارة قائمة الكتاب المفضلين لديهم، إذ سرعان ما اجتذبتهم نبرته الفريدة وأسلوبه المتدفق وشخصياته الآسرة.
فرادة آيتماتوف كانت متأتية من كونه يكتب مخيلته القرغيزية باللغة الروسية. جزء مهم من أدب تلك الحقبة تحقق بأقلام كتّاب مزجوا أجمل تقاليدهم المحلية وانتماءاتهم القومية مع انتمائهم إلى الاتحاد السوفياتي الأوسع. اشتُهر آيتماتوف بروايته «جميلة» (1963) التي نال عليها جائزة «لينين»، ثم تحولت إلى فيلم. نقاد كثيرون رأوا أنه لو أنه لم يكتب سواها، لكانت كافية لتخليد اسمه. حظيت الرواية بإعجاب القراء بكل اللغات التي تُرجمت إليها. الفرنسيون عرفوها بترجمة شاعرهم أراغون الذي عدّها «أجمل قصة حب في العالم». لم يصنع آيتماتوف سمعته من هذه الرواية فقط. كانت كل واحدة من أعماله تقوّي حضوره وتزيد عدد معجبيه: «المعلم الأول» و«السفينة البيضاء»، «شجيرتي في منديل أحمر»، «يطول اليوم أكثر من قرن»... وكان آخرها «نمر الثلج».
آيتماتوف الذي رُشِّح لجائزة نوبل العام الماضي، ولد عام 1928. عاش التجربة السوفياتية بكل منعطفاتها. أُعدم والده في الفترة الستالينية. عاش الانفراج السياسي في زمن خروتشيف. عمل مستشاراً لغورباتشيف قبل أن يتفكك الاتحاد السوفياتي. استعاد «قرغيزيته» وتوفي سفيراً لبلاده في هولندا.