غداً الأحد، تنطلق في بيروت التظاهرة القيّمة التي كنّا قد أعلنّاها قبل أسابيع، ثم تأجّلت بسبب ظروف البلد والمنطقة: على امتداد أيام ثلاثة، يفتح «مسرح بابل» أبوابه لـ«سينما الفقدان». سلسلة عروض لأفلام تسجيليّة نادرة بين أبرز ما قدّمته السينما الفلسطينيّة بمختلف أجيالها واتجاهاتها وخصوصياتها الجغرافيّة... بحضور ثلاثة من أبرز السينمائيين الذين جاؤوا خصيصاً للمشاركة في العروض والنقاشات، ولإحياء الذكرى الستين لـ«نكبة فلسطين»: المخرج المخضرم مصطفى أبو علي الذي أسهم في تأسيس الحركة السينمائيّة من بيروت السبعينيات، وشابان احتلا مكانهما على الخريطة السينمائيّة العربيّة انطلاقاً من الأراضي المحتلّة، ابتداءً من أواسط التسعينيات بالنسبة إلى نزار حسن الذي يأتينا بفيلم سجالي جديد في عرضه العالميّ الأول («جنوب»)، وأواخرها بالنسبة إلى هاني أبو أسعد الذي اشتهر عالمياً بعد «الجنّة الآن»، وهو الآن يستعد لقرع أبواب هوليوود. أما المخرج الرابع الذي سيحضر «غيابياً»، فهو السينمائي الرائد ميشيل خليفي الغني عن كلّ تعريف.هذا الرهان الذي أطلقته مجلّة «الآداب» مع «نادي الساحة» و«حملة المقاومة المدنيّة» و«نادي لكلّ الناس»، يضع في متناول الجمهور في بيروت، تجارب مختلفة من المسار السينمائي الفلسطيني، كشكل حيويّ وديناميكي وديموقراطي من أشكال استعادة هذه الذكرى الصعبة التي تحتفي بها «الأخبار» اليوم أيضاً، على طريقتها، عبر ملحقنا الخاص المرفق بهذا العدد.
لطالما كان تاريخ السينما الفلسطينية لصيقاً بالقضية، ومتأثّراً بتطوّر الوعي السياسي الذي يحرّكها، بعدما اتّخذت في بداياتها شكلاً نضالياً موازياً للكفاح المسلّح ضد الاحتلال... خضعت في الثمانينيات والتسعينيات لتغييرات تبلورت في لغة فنيّة مستقّلة. ومهرجان «سينما الفقدان» (22 ـ 24 حزيران/ يونيو)، محاولة لتعقّب هذه المراحل. هل يكون الفقدان بمعناه الوجودي/ الوجداني أم بمعناه السياسي، هو ما تعاملت معه السينما الفلسطينية إزاء الواقع/ الرحم الذي انبثقت منه؟ السؤال برسم النقاشات التي ستتلو العروض في الأيام المقبلة. يُفتتح المهرجان في الثامنة من مساء غد الأحد بـ«عدوان صهيوني» (1972) الذي يتناول فيه مصطفى أبو علي ضحايا القصف الإسرائيلي للمخيمات الفلسطينية والقرى في جنوب لبنان. ثم يُعرض للمخرج نفسه «ليس لهم وجود» (1974).
أما الاثنين، فيعرض عند السابعة مساءً شريط نزار حسن «استقلال» (1994) الذي يدور حول «احتفال إسرائيل بذكرى قيامها» من وجهة نظر أهل الأراضي المحتلّة عام 48. ثم يكتشف الجمهور عملاً لهاني أبو أسعد بعنوان «الناصرة ــــ 2000» وفيه يقدّم من خلال حوار بين موظَّفين، صورة عن الوضع التراجيدي للمدينة.
وعند السابعة من مساء الثلاثاء، موعدنا مع نزار حسن في شريط «جنوب» (2008) الذي ينتظره الجمهور بمزيج من الحماسة والفضول. طموح نزار إعادة اكتشاف الطائفة الشيعية عبر سياقها اللبناني والتاريخي/ الثقافي، وعلاقتها بفلسطين. ثم يُعرض فيلم نادر لميشيل خليفي «معلول تحتفل بدمارها» (1985). ينطلق صاحب «عرس الجليل» من لوحة على أحد جدران اللجوء لقرية معلول في الجليل، قضمها الاحتلال، ولا يسمح لأهلها الأصليين بزيارتها إلا مرةً واحدة في السنة، وذلك... يوم «استقلال» اسرائيل! وأخيراً يُختتم المهرجان بطاولة مستديرة في التاسعة مساءً يناقش فيها مصطفى أبو علي ونزار حسن وهاني أبو أسعد تجاربهم الشخصية وتطوّر السينما الفلسطينية بين الأمس واليوم. ويدير الندوة الزميل بيار أبي صعب.
يذكر أنّ لقاءً سيقام في الرابعة من بعد ظهر اليوم في قاعة الشعب (شاتيلا)، تتناول التجربة السينمائية الفلسطينية بمشاركة السينمائيين الثلاثة. كما يقام لقاء ترحيبي بهم عند الساعة 1:30 بعد ظهر اليوم في مقهى «ة مربوطة» (الحمرا).
«الأخبار»
* «سينما الفقدان» 8:00 مساء غد وبعد غد الاثنين والثلاثاء ـ مسرح «بابل» (الحمرا) ـ 03،355822