باريس ـ جلنار واكيممساء أول من أمس استعاد الفرنسيون موسيقى أفلام حفظوها ورددوها. كانت باريس، كما كل مدن العالم في عيد. واجتاحت الفرق الموسيقية الطرقات في المدن الفرنسية احتفالاً بعيد الموسيقى، حتى إن بعض التقارير الصحافية قدرت عدد الفرق بأكثر من عشرة آلاف.
إذاً حلت موسيقى الأفلام ضيفة شرف لهذا العام، وذلك لمناسبة مرور مئة عام على دخول الموسيقى في الأفلام. ففي عام 1908، سمع الجمهور أول موسيقى كتبتها كاميي سلتا سيانز لفيلم «اغتيال الوك دوغمز». وقد خصصت العديد من الحفلات لتكريم مخرجين مثل المخرج الإيطالي فليني والمخرج والممثل شارلي شابلن وغيرهما.
إهداء العيد السابع والعشرين لموسيقى الأفلام هو رغبة في إضفاء طابع جديد ومبدع على هذه الاحتفالات. هذا ما أكدته وزيرة الثقافة الفرنسية كريستين البانيل. وأضافت أن لموسيقى الأفلام أهمية خاصة، لأن الكثير منها انطبع في داخلنا، ربما أكثر من أي مؤلفات أخرى.
وتعود قصة عيد الموسيقى إلى عام 1982. و كانت فرنسا أول بلد يخصص عيداً سنوياً للموسيقى. و ما لبثت هذه المناسبة إلا أن تحولت إلى عيد عالمي، يُحتفَل به في مختلف أنحاء العالم: من كندا إلى المغرب، من باريس إلى لندن وروما، من أثينا إلى بيروت. وهذا العام، انضمت عدة مدن إلى اللائحة، أهمها مدينة أربيل في كردستان العراق، وملبورن في أوستراليا، ومالغا في إسبانيا.
فتح الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي أبواب قصر الإليزيه الرئاسي، واستقبل مع زوجته جمهوراً ملأ حدائق القصر. وعزفت موسيقى الحراس الوطنيين، بالإضافة ‘لى فرقة برازيلية.
وخارج القصر الرئاسي غلب الطابع العالمي على الاحتفالات في جادات باريس وشوارعها: هنا فرق برازيلية، وهنا فرق كوبية، وثالثة تؤدي فولكلوراً من أوروبا الشرقية، ورابعة من أفريقيا. وهناك أيضاً فرق فرنسية جعلت العيد منبراً للتعبير عن رفض السياسات الساركوزية. في ساحة فوج، تمركزت أوركسترا «كورس الشعب» التابعة للحزب الشيوعي الفرنسي. أعضاء الفرقة لبسوا زياً أسود عليه نجوم باللون الأحمر. وأدت الفرقة النشيد الوطني الفرنسي وأغاني ثورية فرنسية وعالمية كنشيد الأممية. وبين الأغنية والأخرى، كان مغنون يعبرون عن استيائهم من سياسات ساركوزي «العنصرية والمتهورة» ويدعون الجمهور إلى مناهضتها.
حي الـ«ماريه» كان فسحة للمثليين جنسياً. هناك تمركزت فرقة «نيو بلاتينوم» المؤلفة من خمسين رجلاً غنوا برفقة فتاة واحدة عزفت على البيانو. وفي زاوية أخرى من الماريه، وقفت فرقة «الأوبيوم» المؤلفة من مئة وخمسين رجلاً وامرأة يطالبون بحق المثليين بالعيش من دون اضطهاد.
جاك لانغ، وزير الثقافة الفرنسية السابق، يعود له الفضل في ولادة هذا العيد عام 1982، ولولاه، لما نزلت الموسيقى إلى الشارع، ولما حصلت الكثير من الفرق على فرصة بالظهور. لذلك كان حريصاً على الاحتفال بالعيد. مر جاك لانغ بخفر وسط الناس بهدوء ودون ادعاء، يراقب الفرق، والتنوع الذي تشهده عاصمة بلاده.