كان (جنوب فرنسا) ــ عثمان تزغارتسيلان الذي أبهر الكروازيت عام 2003 برائعته «بعيد» التي نال عنها «الجائزة الكبرى»، عاد عام 2006، بفيلمه «الطقوس» الذي كرّس مكانته ضمن كبار صنّاع السينما، رغم أنّه لم يكن له نصيب في جوائز «كان». وها هو في هذه الدورة يقدّم الفيلم الأكثر اكتمالاً في مسيرته. وهو يستعير هنا رمزية «القردة الثلاثة» (لا تسمع، لا ترى ولا تتحدث...) لتسليط الضوء على التمزق الذي تعانيه عائلة تركية تتخبط في مشكلات عدة. الأب أيوب يعمل سائقاً لدى سياسي محلي يدعى سيرفت. وفي خضّم إحدى الحملات الانتخابية، يصدم الأخير شخصاً بسيارته ويقتله، فيوعز إلى السائق بأن يعترف بالجريمة مكانه، مقابل مبلغ مالي. الابن البكر إسماعيل يفشل في دراسته، ويغرق في الإحباط النفسي، ثم تسوء حالته عندما يكتشف أنّ والدته ارتبطت بعلاقة غرامية مع السياسي سيرفت الذي يتردد على العائلة ليحضر لها راتب الأب خلال الفترة التي يقضيها في السجن بدلاً منه. وتحتد الأمور بعد خروج الأخير من السجن، حيث تراوده الشكوك بشأن خيانة زوجته. لكن الأمر يبقى سراً ثقيلاً لا أحد من أفراد العائلة يجرؤ على التحدّث فيه. ثم تكتشف الشرطة جثة السياسي سيرفت مقتولاً، دون أن نعرف القاتل: هل هو الابن الذي سبق أن هدّده؟ أم الزوج المخدوع؟ أم الزوجة التي تخلى عنها بعدما وقعت في غرامه؟
وفي أجواء مثقلة بالحزن والصمت حيث «لا أحد يحكي، لا أحد يرى ولا أحد يستمع»، يتصاعد إيقاع الفيلم، تاركاً قطع الـPuzzle تتجمّع لتتّضح تدريجاً عبر لعبة مرايا مركّزة على ثنائية التجاذب والتنافر التي تطبع علاقات أفراد العائلة الثلاثة. وإذا بنا نكتشف أن الشرخ الذي تعانيه العائلة، ليس مرتبطاً بخيانة الأم أو مقتل عشيقها، بل بمصير عضو رابع من أفرادها هو ابن أصغر مات غرقاً!
وكالعادة في سينما نوري بيلج سيلان، تمثّل أحداث قصة الفيلم مجرد خلفية ينطلق منها ليصوّر هموم عالمنا المعاصر الذي أصبح ــــ رغم كل تكنولوجيا الاتصال المتطورة ــــ أشبه بـ«برج بابل» ضخم لا أحد يسمع فيه أو يرى أو يتواصل مع الآخرين.
ألم يقل شون بان إنّه يريد لسعفة هذا العام فيلماً يعكس «هموم العالم الذي نعيش وهواجسه»؟ من يشاهد «القردة الثلاثة» يكاد يجزم بأنّه كان يتحدث عن هذا الفيلم تحديداً!

بسبب الظروف التي أدّت إلى إغلاق مطار بيروت بين 8 و15 أيار (مايو)، تعذّر على طاقم فيلم «بدي شوف» للثنائي جوانا حاجي توما وخليل جريج أن يحضر بكامله إلى مهرجان «كان».
فبينما اضطر بطل الفيلم ربيع مروة إلى السفر من بيروت إلى قبرص فباريس، أحجمت أغلبية الوفد اللبناني الذي كان يتألف من 40 شخصاً، عن الذهاب. ويعرض الفيلم في تظاهرة «نظرة خاصة» وشاركت فيه الممثلة الفرنسية كاترين دونوف.