خالد صاغيةأسهمت ذكرى الحرب الأهليّة في الترويج لخطاب سلميّ ينتشر على المنابر السياسيّة وفي أكثر من نشاط تقوم به الجمعيات الأهلية. وأمام هذا الدفق اللاعنفي، يتساءل المرء عمّن حمل البندقيّة طيلة 15 سنة، وعمّن يورّط البلاد في دورة عنف جديدة بدأت اشتباكات الأحياء تنذر بها، ما دام لبنان، شعباً ودولةً ومؤسّسات، على هذا القدر من التمسّك بالسلم الأهلي.
الطريف هو اعتبار كلّ مسؤول سياسي أنّ واجباته لتفادي حرب أهلية جديدة تقتصر على الإدلاء بخطاب ينبذ فيه العنف، فيما يقضي بقيّة نهاره في سلوك أقلّ ما يقال فيه أنّه يؤسّس لحرب مقبلة.
الرئيس فؤاد السنيورة، مثلاً، تطيب له تهنئة «المجتمع الأهلي والمدني» على تحرّكاته ونشاطاته في ذكرى الحرب، «كي لا نعود ونقع في التجربة». لكنّ السنيورة لا يخطر في باله أبداً أنّ أداءه السياسي (وأداء مجموعة كبيرة من المسؤولين) هو جزء أساس من خلق الظروف الملائمة لحرب أهليّة جديدة. وذلك بصرف النظر عن النيّات، طيّبة كانت أو غير طيّبة.
والسنيورة، إذ يحيّي هذه «المبادرات الإيجابيّة والخلّاقة»، يتساءل «كيف للمجتمع المدني أن يقوم إذا ما ضعفت أو تراجعت أو دُمِّرت مؤسّسات الدولة؟». نضع هذا التساؤل برسم من يذكر تماماً الابتسامات العريضة لوزير المال السابق كلّما قمعت الدولة تحرّكاً مطلبيّاً، وكلّما نجحت الدولة في شَقّ نقابة!
هل يتّسع مجتمع السنيورة المدني للنقابات، أم تُراه يقتصر على جمعيّات شمّ النسيم؟