خالد صاغيةغريبٌ أن تأتي دعوة النائب وليد جنبلاط لفتح ملفّات عائدة للمرحلة السابقة، بالتزامن مع عودة شبح المقابر الجماعيّة. وكأنّه يريد للقانون أن يحمي ذاكرة انتقائيّة من السقوط.
وغريبٌ أن تُسخَّر قضايا تمسّ الكرامة الإنسانيّة والذاكرة الجماعيّة لوطن يواجه خطر الزوال، في خدمة كيديّات سياسيّة رخيصة. لكن، أيّاً تكن غايات جنبلاط السياسيّة، فلا بدّ من تلقّف اقتراحه بفتح ملفّات الحقبة السابقة التي لا تقتصر على العناوين التي طرحها. وحين نقول المرحلة السابقة، لا نقصد فقط مرحلة السلم الأهلي تحت القبضة السوريّة، بل مرحلة الحرب الأهليّة أيضاً، وخصوصاً أنّ اللبنانيّين أحيوا ذكرى هذه الحرب، من دون أن يدفعهم الخوف من تكرارها إلى طرح إعادة النظر بقانون العفو العام.
فهل يُعقَل أن يقودنا الأفراد أنفسهم إلى حرب أهليّة مرّتين؟ هل يُعقَل أن يقتصر دور «الشرّ» على أربعة ضبّاط، وهل يُعقَل أن يُعتقَلوا بحجّة لا تمتّ بصلة إلى التُّهم التي كان ينبغي أن تُوجَّه إليهم حقّاً؟ وهل يُعقل أن يستنفر فنّانون وجمعيّات لإدانة الحرب ومضغ التعابير المبتذلة عن السلام وحقوق الإنسان، من دون أن يرتفع إصبع باتّجاه المجرمين؟
ثمّة من يحاول غسل الضمائر، كما تُغسَل الأموال. وبالأمس، كان من تبقّى في الحكومة ممّن يسمّون أنفسهم بـ«الأوادم»، يغطّون التستّر على مقبرة جماعيّة لسبب واحد: المرجّح أنّ من ارتكب المجزرة قد التحق أخيراً بقطار حبّ الحياة.