strong>ربى أبو عموعادت الحمّامات العربية أو «التركية» كما اصطُلح على تسميتها إلى الانتشار في شوارع العاصمة بيروت وضواحيها لتتجدد في عصرنا الحالي، مضيفةً إليه بعضاً من ذكريات زمن يحنّ إليه البعض وسط عصر السرعة والإرهاق الجسدي اليومي. يشرح أصحاب الحمّامات العربية عن استقطاب الروّاد القدامى عموماً، والعمل على خلق بيئة عصرية داخل وظائف الحمّام قادرة على استدراج الجيل الشاب واستهواء مزاجاتهم. تلفت غنوة في وطى المصيطبة لافتة كبيرة خُطَّ عليها اسم «حمّام الهوانم» على الجهة اليسرى من الشارع. تقصد المكان للاستفسار.هو حمّام عربي مجهّز لاستقبال النساء فقط.
ضوء خافت يخيّم على مدخل «الحمّام»، الألواح الخشبية تغطي كل الجدران فتضفي جواً من الدفء على المكان. تصطفّ مجموعة من الكراسي المزخرفة في جهة واحدة بمواجهة مكتب الاستقبال. في آخر المدخل، ستار يكشف من فتحته الضيقة، درجاً سوف ينقلها بعد قليل لتخوض تجربة خارج الزمن الحالي. تستقبلك «الرّيّسة»، وهي موظفة الاستقبال التي تستقبل الزبونات خلال فترة ما قبل الظهر، وتنزل الحمام لاحقاً، فتصبح صفتها «الريسة»، أي المسؤولة عن راحة النساء.
قرّرت غنوة خوض التجربة. هي ليست من هواة الاستحمام خارج المنزل، إلّا أن «الحشرية» لمعرفة الأهمية، والهالة التي أحيطت بهذه الحمّامات في الماضي، هما ما دفعتاها إلى «المجازفة».
قبيل نزولها الدرج يخبرها المدير العام لـ«الهوانم» منصور الزهيري أن فكرة مشروع كهذا جاءت بعد ثلاث سنوات، من افتتاح حمام «الشيخ» المخصّص للرجال.
كما يذكر أن حمّام «النزهة» القديم الذي يعود إلى أواخر ستينيات القرن الماضي، والذي لا يزال يستقبل الزبائن حتى اليوم. يستقطب روّاداً من الجيل القديم، وبعض شباب الجيل الحالي، إلّا أنــــــه لا يزال يحافظ على ديكوره القديم، بغالبية تفاصيله. والديكور هو العامل الأساسي، التحف أثرية، البلاط مزركش، المصابيح القديمة تسهم في خلق أجواء أندلسية وعربية وشرق أوسطية، إضافــــةً إلى ديوان تركي وآخر عربـــي، «فالمرأة بحاجة إلى هذا التنوّع في الأذواق لترتاح».
تبدأ غنوة رحلتها بالجاكوزي، بعدها تنتقل إلى البخار، التكييس، والماساج، وأخيراً تستحم بواسطـة «الكيلة»، لتختار الجلوس بعدما ترتدي «البرنص»، في الديوان الذي تريد.
موسيقى الحمامات اختلفت اليوم. فأغنيات أم كلثوم، أسمهان، وغيرهما من القدامى استُبدلت بأغانٍ حديثة ذات إيقاع سريع.
ومن وطى المصيطبة، إلى منطقة الحدث، حمّام عربي آخر، اتخذ من مسلسل «باب الحارة» اسماً له. تفرض المنطقة طابعها الحزبي والديني على الحمّام، حيث يُمنع سماع الأغاني، باستثناء موسيقى المسلسل.
تنتشر داخله صور من أحداث المسلسل، وتتوسّط قاعة الجلوس «بركة مياه» على طريقة الدور الشامية القديمة.
ربما لا تذهب النساء إلى الحمّامات التركية اليوم إلا بدافع الترفيه عن النفس، وتناسي الأزمات الضاغطة في الخارج. أمّا المشترَك بين الماضي والحاضر، فهو أن بعض الفتيات من جيل اليوم عادت تستهويهن فكرة الرقص والغناء والاحتفال في الحمّام مع صديقاتهن، قبيل زواجهنّ.