strong>فاطمة عبد اللهمن قال إن الشباب فقط هم عشّاق الإنترنت؟ أم أن التسمّر أمام الشاشة التي تصلك بالعالم هو حكر على الأولاد في المنزل الواحد؟ ها قد أصبحت الشبكة العنكبوتيّة معبودة الأهل الذين تخطّت أعمارهم عتبة العقد الرابع! مشاكل تقنية في البداية، ثم بقليل من التعليم من الأولاد «بيمشي الحال»، فتجلس ربات المنازل لساعات يتصفّحن الشبكة ويتصلن بصديقات أو أهل في بلاد الاغتراب... «صبحيات إلكترونية» وجلسات تحادث عن بعد تسدّ وقت الفراغ وقد تمتد إلى فترات متأخرة من الليل...
«أجلس أربع ساعات على الأقل أمام الكمبيوتر يومياً من دون أن أشعر بالوقت» تقول آمال سيدة بيروتية في الـ 38 من العمر أم لثلاثة أولاد، «الإنترنت مؤنسي وصديقي، وأنا مدمنةٌ إياه، لأنه أصبح جزءاً مني، فالوقت الذي يكون فيه الاشتراك معطلاً أو الـ connection مقطوعاً أشعر بأني ضائعة، وبأن شيئاً ما ينقصني...». فآمال التي يسرق منها الإنترنت النوم ويبقيها أسيرته حتّى ساعات الفجر الأولى دون أن تنتبه لذلك، ترى نفسها «غريبة بدونه». فهو يساعدها في تحضير دروس الفرنسية لطلاّبها في المدرسة، كما أنه يتيح لها التواصل يومياً مع ابنها البكر محمود الذي يسكن بعيداً عنها.
أما أم بلال (40 سنة وأم لأربعة أولاد) فهي تعيش في ضواحي العاصمة، وقد تعلّمت إتقان بعض الألعاب الإلكترونية، ثم انتقلت في ما بعد إلى ممارسة ألعاب إلكترونية مع «شركاء» وهميين على الإنترنت من مختلف البلدان، كما أنها «تصادقت» مع بعض النساء في الدول العربية جمعتهنّ «هموم مشتركة» على حدّ قولها.
أما بالنسبة إلى موقع «فايس بوك» facebook فبعض الأهل قد لقوا معارضة الأولاد الذين أقنعوهم بطريقة أو بأخرى بعدم الدخول إلى الموقع كالدكتورة حمّود مثلاً (45 عاماً) التي لم تعد إحدى «زوّاره» الدائمين، وذلك بناءً على طلب ابنتها التي أقنعتها بأنها كبرت على مثل هذه المواقع المخصصة حسب رأيها لجيل الشباب فقط.
أهل اليوم، وبحجة خوفهم على أولادهم من ناحية، وبأنهم يريدون مصادقتهم عبر التقرّب من عالمهم الإلكتروني من ناحية ثانية، وقعوا في شرك الشبكة العنكبوتية، وباتوا من الزوار الدائمين لها.
وفي الغرب أيضاً، استطاع الإنترنت أن يشغل الأبناء والآباء معاً، ويسرق ساعات طويلة من وقتهم، من دون أن يشعروا، إذ أشارت دراسة أجرتها أخيراً شركة أبحاث السوق الأمريكيّة «Metrics» ونشرتها صحيفة الـ«واشنطن بوست» الأميركيّة إلى أن استخدام الإنترنت ارتفع بنسبة 130% بالنسبة إلى الفئات الذين تتراوح أعمارهم بين 45 إلى 54 سنة مقارنة بارتفاعها بنسبة 41% لؤلئك البالغين من العمر بين 13 إلى 17
سنة.
بالرغم من أن العالم العربي لم يصل إلى حد هذه النسبة بعد، إلّا أن كل المعطيات تدل على أن الأهل، بواسطة أولادهم وسهولة وتنوّع وسائل الاتصال عبر الشبكة، يبدون استعداداً كبيراً لخوض غمار الإنترنت في المستقبل القريب. فهل تنقلب الأدوار ويصبح الأولاد هم «مرشدي» الأهل
ومراقبيهم؟