خالد صاغيّةهذه المرّة، سيأتي الحكام العرب وممثّلوهم الكرام إلى القمّة العربيّة في دمشق، برؤوس مرفوعة. فهم لا يشبهون ما كانوا عليه قبل سنوات. سيأتون إلى دمشق محصّنين بـ«شرعيّة» لم يعرفوا مثيلاً لها طيلة فترات حكمهم. فتهمة الدكتاتوريّة باتت وراءهم، وهم ليسوا معادين لأيّ من قرارات الشرعيّة الدوليّة، وعلى وئام تامّ مع السيّد الإمبراطور. حتّى تطرّف بعضهم الديني لم يعُد يعني أحداً بعد ظهور «القاعدة».
إنّهم السدّ المنيع في وجه الإرهاب. سيأتون إلى القمّة بموازنات لوزارات الداخليّة تفوق موازنات الصحّة والتعليم والدفاع. سيأتون إلى القمّة ليفاخروا بأعداد الإرهابيّين القابعين في الزنازين.
إنّهم رموز الاعتدال. قدّمت الإمبراطوريّة اعتذارها عن سنوات الضلال التي هدّدت خلالها بنشر الحريّة. فهذه شعوب لا يليق بها تقرير مصيرها.
قد لا يكون استناد الحكام العرب إلى دعم أميركي جديداً. لكنّهم اليوم يتمتّعون أيضاً بدعم النخب العربيّة والمثقّفين الليبراليّين الذين باتت معركتهم في مكان آخر. خلال القمّة، سيُخرج حفظه اللّه من جيبه الأيمن لائحة بالمثقّفين الآباء الذين تمكّن من شرائهم قبل عقود. وسيخرج من جيبه الأيسر لائحة المثقّفين الأبناء الذين باتوا يأتون إليه طواعيّةً رافعين شعارات: أدام اللّه عمرك. دُس رقابنا، ضع إخواننا في المعتقلات، ثبّت قوانين التخلّف، اسحق المرأة، أفقِر الفقراء... وحارِب الإرهاب.
هذه المرّة، سيأتي الحكام العرب وممثّلوهم الكرام إلى القمّة العربيّة في دمشق، برؤوس مرفوعة. لديهم الشرطة، والأيديولوجيا، والدعم الخارجي، والنخب المحليّة. إلى القمّة... يا عرب!