خالد صاغيةيتناقل اللبنانيّون عبر البريد الإلكتروني الحديث الذي افتتح به كارلوس إدّه حلقته التلفزيونيّة يوم السبت على شاشة المؤسّسة اللبنانية للإرسال ضمن برنامج «نهاركم سعيد». ما يقوله إدّه في هذا التسجيل هو أنّه أوعز إلى كلّ الكتلويّين بعدم إطلاق الرصاص لدى ظهوره على الشاشة، وأنّ أيّ مخالفة لهذه التعليمات ستعرّض صاحبها للمثول أمام المجلس التأديبي لحزب الكتلة الوطنية، ذلك أنّه لا مكان لهذه «الزعرنات» داخل الكتلة.
يتنقّل هذا التسجيل من باب التندّر على عميد الكتلة الوطنية. لكن ما يبدو كوميديّاً للوهلة الأولى، يخفي بعداً سوداويّاً يتعدّى السيّد إدّه، ليطال المشهد السياسي اللبناني برمّته. فقد أدلى كارلوس إدّه بدلوه، بعد يوم على احتفال «البيال» الذي لم يكن خطباؤه أقلّ غربةً عن الواقع.
والحال أنّ القدر الذي شاء أن يكون لبنان في قلب الصراع على منطقة الشرق الأوسط، قد جعل البيادق اللبنانيّة ترسم في المرآة صورة وهميّة عن نفسها، وعن دورها.
مجرمو الحرب وأكلة الجبنة باتوا مقتنعين بأنّهم بناة الدولة الحديثة. الإقطاعيّون اقتنعوا بأنّهم دعاة التنوير. أبطال الحقبة السوريّة في لبنان مقتنعون بأنّهم أبطال الاستقلال الثاني. فؤاد السنيورة مقتنع بأنّ سياساته تسمّى إصلاحاً اقتصادياً. أحمد فتفت مقتنع بأنّ القدر انتدبه شخصياً ليصنع التاريخ. مصطفى علّوش مقتنع بأنّه شخصيّة بطوليّة من مسرح الرحابنة. سمير جعجع مقتنع بأنّه لم يقتل رشيد كرامي...
الطريف أنّ كلّ ذلك يجري باسم البحث عن «الحقيقة».