جنيف ـ بسام القنطارمن بين 635 متحفاً منتشراً في مختلف الكانتونات السويسرية يصنَّف معرض الصليب الأحمر الدولي واحداً من سبعة متاحف تعدّ الأغنى في سويسرا.
فهو يحوي ذاكرة المآسي والحروب والقتل والخطف والاعتقال التعسفي والاختفاء القسري، مجسّدة في عرض فني بصري وصوتي متقن ضمن مساحة تزيد على 3600 متر مربع. يقع المتحف عند أسفل المقر الرئيسي للّجنة الدولية للصليب الأحمر وقبالة مقر الأمم المتحدة الأكبر بعد المركز الرئيسي في نيويورك. افتُتح رسمياً عام 1988 بعدما بُني بكلفة 25 مليون دولار أميركي. يهدف المتحف إلى توثيق تاريخ جمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر والحفاظ على تراث هذه الحركة الإنسانية التي أسسها هنري دونان عام 1863.
يتميز المتحف بأنه يقدم الحقائق ويعرضها من خلال الصوروالوثائق والأدوات، لكن من دون أحكام مبرمة أو استنتاجات، هادفاً إلى المحافظة على حياديّته حتى في الحوادث التي باتت من الماضي. أكثر من عشرة آلاف وثيقة جُمعت وأُدخلت في قاعدة بيانات المتحف، غالبيتها تتعلّق بعمل جمعيات ولجان الصليب الأحمر والهلال الأحمر المحلية والدولية. كما يتلقى المتحف العديد من التحف الفنية والوثائق التاريخية، التي كان آخرها وثائق معروفة لم تعرض من قبل لهنري دونان كتبها بين الأعوام 1877- 1890. تزامُن ولادة الصور الفوتوغرافية والسينما مع ولادة الصليب الأحمر سهّل توثيق ما يزيد على 15 ألف صورة ، إضافةً إلى 950 فيلماً. وتُعدّ الملصقات واحدة من أهم مقتنيات المتحف، لكونها أداة ترويجية تاريخية استخدمها الصليب الأحمر، ولقد جمع حتى اليوم 3000 ملصق، إضافةً إلى الأهمية التي توليها إدارة المتحف لجمع الطوابع والميداليات والشارات.
يضاف إلى كل هذه المقتنيات أداوت الإسعافات، والعتاد التي يستخدمها الصليب الأحمر. لكن المقتنيات الأكثر ندرة وقيمة معنوية هي الأعمال الفنية، التي أنتجها السجناء وأهدوها إلى الصليب الأحمر أثناء فترة اعتقالهم أو بعد تحررهم. وفي هذا المجال، يحوز لبنان مكانة خاصة، حيث يتضمّن جناح «أعمال الأسرى الفنية» عدداً من الأعمال التي نفّذها الأسرى في معتقلي الخيام وأنصار.
ويتألف المعرض من 11 مساحة تمثّل كل واحدة منها حقبة تاريخية أو فكرة معينة. ويبدأ «جدار الوقت» بعرض مرحلة تأسيس الصليب الأحمر وإنجازاته المتلاحقة. وهناك مساحة خاصة لعرض وقائع معركة سولفيرينو التي دفعت دونان إلى تأسيس الصليب الأحمر. من ثم يتدرج إلى الحربين العالميتين الأولى والثانية، وصولاً إلى تبنّي معاهدة جنيف عام 1949. إضافةً إلى وجود قسم مخصص للسجلات الأصلية لأسرى الحروب، التي صنّفتها اليونيسكو واحدة من روائع التراث العالمي. أمّا المساحة الأخيرة من المعرض، فأُضيفت عام 1999 وهي توثّق للتاريخ الحديث للصليب الأحمر، وخصوصاً المهمات الإنسانية المتعلقة بأعمال الإغاثة أثناء حدوث كوارث طبيعية والبرامج الاجتماعية. أمّا جديد المعرض هذا العام، فتسلّل شعار «نجمة داوود الحمراء» إلى جانب الصليب والهلال الأحمر، التي تبنّاها المجتمع الدولي عام 2005.