فاطمة عبد اللهلعبة الأسماء قديمة قدم الإنسان على الأرض، بيد أن الجديد فيها هو الآثار النفسيّة التي يتركها الاسم على صاحبه. وقد لعبت العولمة وانفتاح قنوات الاتصال بين الدول والشعوب دوراً أساسياً في تغيّر الأسماء وتبادلها.
فالمراهقة المواكبة لصيحات الموضة التي تهتم جداً بمظهرها وحياتها الاجتماعية صاخبة، ومن تحمل اسم عبدة مثلاً فستشعر حتماً بثقل هذا الاسم وبالخجل منه، وتتمنى لو أن اسمها كان «متطوراً» أو «دارجاً» بعض الشيء...
وعلى المقلب الآخر، تخبرنا خديجة (21 عاماً) قصة صديقتها مادونا (27 عاماً) فتقول: «الله بيعطي حلاوي ليللي ما عندو ضراس». فمادونا تكره اسمها مع أنه «أجنبي وحلو»، فهي امرأة متزوّجة من رجل ملتزم دينياً، وترتدي اللباس الشرعي، وتتمنى لو أن اسمها حمل طابعاً دينياً «لكان ذلك أفضل مئة مرة من أي اسم آخر متحدّر من الغرب» حسب تعبيرها. وتتابع خديجة وتقول: «يا ريت كان اسمي مادونا، لوفّرت على نفسي الكثير من الانزعاج كلما سمعت الناس ينادونني خديجة، فأنا لست مرتاحة لهذا الاسم منذ طفولتي». أما سكينة، وهي فتاة في العقد الثاني من عمرها، فتقول بصراحة: «أنا أكره اسمي جداً وأشعر بانزعاج كبير عندما أسمعه في اليوم عشرات المرات». وتضيف «أكره كل اسم يدل على طائفة صاحبه أو مذهبه، فهو ينفّرك تلقائياً وهذا خطأ».
ولا يختلف وضع الشباب كثيراً عن الفتيات في هذا الصدد، فالأسماء تؤثر بهم وترمي بثقلها على حالاتهم النفسيّة، وإن بنسبة أقل من الفتيات.
ففوزي (15 عاماً) الملقّب بـ«زوزو» يقول «أنا أحمل اسم عمّي، بيد أنه لا يمثّل مصدر إزعاج بالنسبة لي، لأن الجميع ينادونني باسم الدلع». أما مهاوش (20 عاماً)، وشقيقه حرب (22 عاماً) فهما لا يحبّان اسميهما «ولن يسمّيا أولادهما كما أسماهما الأهل».
وتلفت الاختصاصيّة في علم النفس د. عليا سركيس أبي جرجس إلى العلاقة القويّة بين الاسم ونفسيّة الإنسان. فأوّل ما نعرفه عن الآخر هو اسمه، والاسم «البشع» سيخجل صاحبه به ويمنعه من التعريف عن نفسه بثقة، فغالباً ما تكون نبرة صوته ضعيفة، وقد يشعر بأن اسمه هو نقطة من نقاط الضعف لديه، وفي مرحلة متقدمة قد تتكوّن لديه عقدة نفسيّة بسبب شدة كرهه لاسمه!
فمتى سيدرك الأهل إذاً أن الاسم الذي يمنحونه لأولادهم في الصغر سيكون له تأثير كبير عليهم في الكبر؟ وهل سيصل مجتمعنا إلى مرحلة يختار فيها صاحب الشأن اسمه بنفسه عندما يكبر؟