خالد صاغيةفلنتخيّل عالماً عربيّاً مختلفاً. عالم يمتنع فيه بعض القادة العرب عن تمثيل دولهم في القمّة العربيّة في دمشق، لأسباب مختلفة عمّا يجري اليوم.
فلنتخيّل أنّ مصر، أمّ الدنيا، هي أمّ الدنيا فعلاً. وأنّ موقعها في العالم العربي ورسالتها في الدفع نحو حياة أفضل للشعوب العربيّة، يحتّمان عليها مقاطعة قمّة تُعقَد في دمشق. فلنتخيّل أنّ ذلك يحدث للضغط من أجل اعتماد برنامج سياسيّ إصلاحيّ، وسياسات اقتصاديّة أكثر عدالة.
فلنتخيّل أنّه ما من عروش فوق أراضي الجزيرة العربيّة، وأنّ حاكم نجد والحجاز قرّر عدم حضور قمّة دمشق احتجاجاً على سلوك النظام السوري في لبنان، ودفاعاً عن البلد الصغير الذي يستقوي عليه شقيقه الأكبر.
بإمكاننا أن نتخيّل ما نشاء. لكنّنا نعرف أنّ مصر لم تعد أمّ الدنيا، وأنّ الحكّام العرب دأبوا على نشر الطغيان والظلم الاجتماعي في كل أرجاء العالم العربي. ونعرف أيضاً أنّ الحقبة السوريّة في لبنان كانت بتغطية كاملة من النظام العربي الرسمي في الدول العربيّة التي تدّعي اليوم الحرص على سيادة لبنان واستقلاله وحريّة أبنائه.
لم تتغيّر تلك الأنظمة. لم يقلّ خوفها من شعوبها. ولم يزِد حبّها للبنان الذي تفرّجت على عاصمته تدنّسها الدبابات الإسرائيليّة. لم يزِد حبّها للبنان الذي أسهمت بإشعال حروبه الأهليّة. لكنّ فؤاد السنيورة مقتنع بأنّ العالم العربي كلّه سيستمع إلى كلمته، تماماً كما سبق أن استمع إلى دموعه.