خالد صاغيّةلا يجافي الرئيس فؤاد السنيورة الحقيقة حين يقول إنّه ما كان يظنّ يوماً «أنّي سأوضع في هذا الموقف الصعب، ولم يخطر ببالي أن يستغلّ البعض مناسبة ظهوري الإعلاميّ لتعريض حياة الناس وراحتهم للخطر أو الإزعاج». فالسنيورة لا ينتمي أصلاً إلى صنف القادة أو الزعماء الشعبيّين، وهو الذي بنى شهرته أصلاً على فرض الضرائب على الشرائح الشعبيّة. إنّه، إذا صحّ التعبير، من جماعة التكنوقراط الذين يحوزون ثقة الأسياد الغربيّين، فينصّبونهم في مكانهم. نسخة لبنانيّة من سلام فيّاض مثلاً.
لكنّ السؤال عن إطلاق النار ابتهاجاً وحماسةً بعد إلقاء رئيس الحكومة كلمته أمس لا يُوجَّه إلى السنيورة. فهو أدانه، تماماً كما يدينه كلّ القادة الآخرين. السؤال يطال مطلقي النار أنفسهم، الذين ينتمون في هذه الحالة إلى فريق 14 آذار، أي إلى «ثقافة الحياة». لا بل إنّ انتماءهم إلى هذه الثقافة هو ما يميّزهم أساساً عن زملائهم في 8 آذار الغارقين في «ثقافة الظلمة والموت». على الأقلّ، هذا ما بشّرتنا به وثيقة 14 آذار التي أُطلِقت في مؤتمر «البيال».
هل يُعقَل أن يكون بين أنصار ثقافة الحياة من يمارس طريقة في التعبير هي «دليل تراجع في القيم والمعايير الإنسانية والحضارية»، وفقاً لتعبير السنيورة؟
يا لها من مفاجأة. ليس الانقسام الثقافي كما تمّنته الأمانة العامة للهذيان الآذاري... هل كان علينا انتظار إطلاق الرصاص لنعرف ذلك؟