خضر سلامةدرّاجة هارلي دافيدسون، لباس جلدي، تنقّل جماعي وشعارات موحدة... صار نادي «ملائكة الجحيم» Hells Angels لراكبي الدراجات النارية اليوم، بعد ستين عاماً على إنشائه، ظاهرةً عالمية، بفروعه المنتشرة في القارات الخمس، وبانتشار «ثقافته» في أكثر من 17 بلداً حول العالم. «ملائكة الجحيم» يحيون هذا العام الذكرى الستين لانطلاق «ناديهم» بفرعه الأول في سان براندينو في ضواحي سان فرانسيسكو. حينها، في أواخر آذار 1948، عاد بعض المتطوعين من الشباب الأميركي من ميادين الحرب العالمية الثانية، واكتشفوا صعوبة العودة إلى الانخراط في المجتمع المدني، فقاموا بتأسيس مجموعة «رحّالة» مكوّنة من مقاتلين سابقين باحثين عن المغامرة، ومن ثم اعتمد المؤسسون الاسم (ملائكة الجحيم) كاقتباس من عنوان فيلم عرض عام 1930، حمل الاسم ذاته، وهو بالأصل لقب إحدى مجموعات القوة المجوقلة في الجيش الأميركي التي سبق أن شاركت في معارك الحرب العالمية الأولى. من الماضي العسكري، اعتمد ملائكة الجحيم أسلوبهم الذي توارثته الأجيال اللاحقة، في اللباس واعتماد الأسماء «الحركية» لأعضاء النوادي، حيث يمنع التخاطب بالأسماء الحقيقية. شروط الانتساب للمنظمة أربعة: عليك أن تكون ذكراً في الواحدة والعشرين من العمر، ملمّاً بالإنكليزية و.. أبيض. إضافة إلى القسَم الذي يعتمده الوافد الجديد إلى عالم الدراجات، وهو الوعد «بالقيادة جنباً إلى جنب مع إخوته مهما تغيّرت الظروف». ويُعرف «ملائكة الجحيم» بمبادئهم العنصرية العرقية والسادية، حصيلة الانغلاق الذي يمارسونه داخل «مجتمعهم» المستقل. رالف «صوني» بارجر، القائد التاريخي للملائكة و«الأسطورة» الذي قضى 13 عاماً في السجن، يروي في سيرته الذاتية، معنى أن تكون درّاجاً في فكر النادي، «الدرّاج هو المغامر، الباحث عن الخطر، عن التحدي، الذي يرفض أي تراجع أو تلكؤ أو غدر». ويعرض بارجر في سيرته أبرز الحوادث في المسيرة، من الانطلاقة الحقيقية للمجموعة في الخمسينيات، «حينها تحوّل الملائكة إلى منظّمة ولم يكن في بال المؤسسين حينها إلا التسلية، والترحال». ولكن في أواخر الستينيات، بدأت المجموعة تدخل عالم الجريمة. والبداية كانت عام 1969 عندما طلبت فرقة «رولينغ ستونز» من «ملائكة الجحيم» أن يوفّروا الحراسة لحفلٍ أقيم في كاليفورنيا، الحفلة انقلبت دراماتيكياً حين حاول أحد الـ«هيبيز» إطلاق النار على مايك جاغر، فقام الملائكة بطعنه.. وصولاً إلى فترة السبعينيات، حين صُنّفت المجموعة على لائحة الـ«أف بي آي» كإحدى أخطر العصابات في الشمال الأميركي. وقد كشفت السلطات الأميركية في التسعينيات، عن مدى قوة «الملائكة» مالياً ونفوذها، إذ بلغت عائدات المنظمة من تجارة المخدرات عبر فروعها المنتشرة في البلاد ملايين الدولارات. وحالياً، تضم نواديها مطلوبين كثراً للعدالة بتهم القتل والمخدرات والتصرفات العنصرية.
وبعد ستين عاماً، لا تزال صورة الدرّاج المغامر تسيطر على العقل الشبابي «المتمرّد». صورة، تخفي قناعاً صلباً من المعتقدات والتقاليد التي يربط بها الدرّاج مصيره، وحياته.