في محلّ «زهور بابل» في منطقة الكرادة (جنوب بغداد) الذي يبيع الزهور منذ سبعينيات القرن الماضي، تراكمت زهور صناعية في كل جانب، ووضعت بطاقات التهنئة بعيد الحب إلى جانب علب زجاجية صغيرة تحوي رسائل غرام صغيرة. زبائن قلائل يتجوّلون بعجل في المحل، يختارون الهدية ثم ينسحبون عائدين إلى منازلهم. حاولت بغداد أمس أن تحتفل بعيد الحبّ بخجل وبساطة في ظلّ الحياة اليومية الصاخبة التي حرمت المواطنين العراقيين متابعة الحياة الطبيعية بفرحها ومناسباتها. يقول يوسف محمد (50 عاماً) صاحب المحل الذي شُغِلَ منذ أيام بتعليق الزينة الحمراء: «لدينا زهور وهدايا متنوعة لعيد الحب، لكن لم يأت إلا عدد محدود جداً لشرائها». وكان يوسف يبيع الزهور لشخصيات تاريخية، بينها الرئيس العراقي الراحل صدام حسين. وهو من أكبر محال الزهور في بغداد، إلا أنّ المدينة تكاد تخلو حالياً من محال بيع الزهور بعدما كان عددها بالعشرات في أغلب أحياء العاصمة.
ويبرر يوسف عدم وصول زبائنه المعتادين إلى المحل لشراء وردة أو هدية بـ«الخوف من وقوع حوادث وانفجارات، بالإضافة إلى زحمة الطرق والإجراءات الأمنية المشددة في كل مكان (...) وخصوصاً بعد انفجار سيارتين مفخختين على مقربة من موقع المحل».
ويجمع معظم المواطنين الذين قصدوا المحلّ لشراء الورود أنّه «كان من الصعب جداً، ومن الخطر التنقل في المدينة والوصول إلى المحلات، ولكنهم أتوا رغم ذلك ليشعروا بهذا العيد ولو على عجل».
وفرضت السلطات المحلية إجراءات مشددة، بينها نقاط تفتيش ونشر حواجز إسمنتية بهدف الحد من وقوع أعمال العنف قد تؤدي إلى مقتل مدنيين.
وفي «البيت الأخضر» للزهور جنوب بغداد، قالت مديرة المحل إن «زهور الحب تباع عادة بالعشرات قبل يوم أو يومين من عيد الحب، لكن حتى الآن لم يزرنا سوى ثلاث أو اربع فتيات لشرائها!».
وأضافت وهي تتنقل وسط زهور وضعت في كل جوانب المحل أن «عدداً محدوداً من الناس بات يتذكر عيد الحب بسبب الظروف الأمنية والخوف الذي يهدد الناس».
وعلى أبواب محل آخر للزهور ثبتت أقفال حديد مضفية طابعاً حزيناً على المكــــــــان الذي أُغلق في العيد الذي ينتظـــــره الملايين في مناطق أُخرى من العالم. من جانبـــــــه، يقول أيمن محمــــــد (26 عامـــــــاً) وهو يتفحــــص أنواع الزهور من وراء الزجاج، إن «إرسال زهرة حمراء عبر الهاتف النقال يبدو أسهل طريقة للتعبير عن المشاعر هذه الأيام».
ومنذ اجتياح العراق في آذار 2003 أُرغم نحو 4.2 ملايين عراقي على النزوح من منازلهم، بينهم أكثر من ميلوني شخص داخل البلاد جراء أعمال العنف الطائفي، وفقاً للأمم المتحدة.
(أ ف ب)