محمد محسن

لم ينس محمد علي حدرج (16 عاماً) الطوابع والنقود الأجنبية يوم غادر منزله في بئر العبد في الضاحية الجنوبية هرباً من القصف خلال الإسرائيلي على لبنان في تموز 2006. رغم صغر سنّه، حدرج ليس «هاوياً»، فهو يجمع الطوابع والنقود منذ ست سنوات، فترة زمنية كسب خلالها وضعية الموهوب المحترف.
يحلو لحدرج أن يعرض مجموعته، يحمل ألبوماً من الحجم الكبير لزواره، لا تفارقه ابتسامته التي توحي بالثقة بالنفس، ثم يظهر لاحقاً خمسة ألبومات أخرى تستهلك رؤية محتوياتها وقتاً طويلاً.
يعرف حدرج العملات التي جمعها، وإن كان يصعب عدّها، ونظرة واحدة تكفي ليحدّد منشأ كل عملة، وما إذا كانت لا تزال معتمدة في بلدانها.
الألبوم الأول للعملات العربية، ويلفت حدرج إلى أنه خصص «لكل قارة ألبوماً أو أكثر، بحسب ما يتوافر لي من عملات بلدانها»، ثم يسحب أقدم عملة في حوزته «هندية من عام 1804». وقد تجاوزت «ثروة» حدرج حدود العديد من الدول لتغطي مساحة ما بين القطبين. أما أكثر ما يستهويه فهو العملات القديمة، وهو يسر لزائره «لديّ عملة ألمانية من أيام الحرب العالمية الأولى والثانية».
حين كان حدرج يبلغ من العمر عشرة أعوام، تسرّبت قطعة نقدية قديمة إلى يد أخته فأعطته إياها فوراً. شاهد بقال العملة في يد الصغير فراح يتحسر على أيام زمان، كلام البقال لفت حدرج «أدركت قيمتها وبدأت أفتش عن أشياء مشابهة».
«مصادر تمويل» حدرج متعددة، هناك الأهل وأصدقاؤهم، وقد أقام حدرج علاقات متينة مع صرافين «محترفين» في لبنان وخارجه، ويزور الأسواق الشعبية، ولأن حدرج يحترف جمع الطوابق والنقود، فإنه يعرف أسرار «الكار» ويحذّر من عمليات غش قد يتعرّض لها حديثو العهد.
في مجموعة حدرج عملات ورقية وأكياس ممتلئة بالنقود المعدنية، وفي حوزته «نقود من عهد القسطنطينية»، وأخرى كانت تستعمل لأوّل هاتف عمومي في إيطاليا.
انتبه محمد لضرورة توثيق وأرشفة العملات التي يملكها. ولهذه الغاية أنشأ موقعاً إلكترونياً www.thegcc.piczo.com، يعرض صوراً للمجموعة.
يرفض حدرج عروضاً لبيع ما يمتلك بالجملة، إلا أنه يقيم صفقات بصيغة المفرّق. يعلّل ذلك بشكل يظهر مدى احترافيته التي اكتسبها في وقت قصير «لا أبيع بالجملة قبل أن أُعيد العملة التي بعتها بالمفرّق. يجب أن تبقى دفاتري متوازنة».
لا تكتسب الطوابع بالنسبة إلى حدرج أهمية العملات فهي «مكلفة جداً»، العملات برأيه يمكن الحصول عليها كهدايا، وشراؤها ليس مكلفاً. ولكن الطوابع تحتل مساحة كبيرة من ألبومات الشاب وبينها طابع كأس العالم التي أقيمت في ألمانيا عام 2006.
يلقى حدرج تشجيعاً من والديه، ولكنهما يخافان أن يتلهى بمجموعته وينسى دروسه. ينفي الشاب هذا الخوف، ولكنه يقول في موضع آخر «في جارور ملابسي الداخلية هناك عملات».