خالد صاغيّة
يكثر الوزير الفرنسي برنار كوشنير من زياراته للبنان. والدافع، كما يبدو، هو الملل. يشتاق لمجرمي حرب يحاضرون عن السلم الأهلي، ولزعماء مصابين بجنون العظمة، ولمقاولين ومصرفيين اقتحموا ميدان السياسة ليتحدّثوا عن النهضة الاقتصادية على جثث الفقراء. وكلّما زار الرجل بيروت مرّة، أمعن السياسيّون اللبنانيّون في مدّه بمزيد من مواد التسلية.
أمس، قرّر رئيس الحكومة أن يشارك في السيرك. وهو، بحكم وظيفته المصرفية السابقة، يتقن لعبة الأرقام، إلى جانب ولعه بالشعر والأغاني. ولأنّ موقع السنيورة يفترض ألا يسمح له بتقديم أرقام مزوّرة وغير دقيقة، بدأ حديثه بعبارة دقيقة للغاية: «أكاد أزعم وأقول»، قبل أن يترك الحديث للأرقام التي تخبرنا وفقاً لزعمه أنّ لبنان «خسر على مدى السنوات الثلاث الماضية على الأقل 20% من ناتجه المحلي»... وأنّ «في إمكان الاقتصاد اللبناني أن يكون أكثر بـ50 % ممّا هو عليه حالياً». أمّا سبب تراجع هذا النموّ المفترض فهو «السنوات العشر الماضية».
ينسى وزير المال السابق أنّ هذه السنوات العشر (عهد لحود؟) جاءت بعدما أُدخِلت البلاد جحيم الدين العام وفوائده المرتفعة، وفقاً لسياسة مالية حكيمة اتّبعها دولته ودولته.
لقد أوصل السنيورة البلاد إلى الحائط المسدود مرّتين: مرّة في الاقتصاد، ومرّة في السياسة. وفي الحالتين، يدّعي أنّه الضحيّة. في المرّة الأولى، صدّقناه. لكن، «شوفوا الكذب لوين. مرّة منيح... اتنين؟».