«لأنه وضع روسيا من جديد على الخريطة الدولية وأرجع مكانتها بين الدول المحورية والقوية»، «لأنه أعاد الاستقرار إلى بلاده عندما كانت قد أصبحت على شفير الهاوية»، «لأن ما فعله ليس وليد حظّ مطلق بل نتيجة عمل جاد وذكي» (...)، «لكل تلك الأسباب اخترناه شخصية عام 2007». اختارت مجلة «تايم» الأميركية، كعادتها (منذ عام 1927)، وفي عددها الخاص بنهاية السنة، «شخصية العام». وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين هو الشخص المختار لسنة 2007. مطلقين عليه لقب «قيصر روسيا الجديدة».
وفيما توضح أسرة الـ«تايم» أنّ هذا الاختيار أو اللقب ليس «وسام شرف يتقلّده المختارون»، بل هو مجرّد رؤية لشخصية كانت فاعلة خلال العام وكان لها تأثيرها الكبير في مجال عملها وفي العالم، أشارت إدارة تحرير المجلة إلى أن «الرئيس بوتين كان قائداً بكل ما للكلمة من معنى، وأنّ سياسته وقراراته أثّرت على السياسة الدولية وقادت روسيا نحو استقرار كانت قد فقدته منذ سنوات». وقد تضمّن العدد لمحة عن حياة الرئيس الروسي وصوراً خاصة من طفولته وشبابه، إضافة إلى لمحة عن الوضع الاجتماعي والاقتصادي والأمني لروسيا في عهد بوتين، مبرزين إلى جانب التقدم الاقتصادي ومستوى الدخل الذي حققته روسيا في العام الأخير، تراجع مستوى الحريات في روسيا مع تعرّض الصحافيين والمعارضين للرئيس، للاعتداءات أو السجن. وقد خصّ بوتين فريق المجلة بمقابلة (دامت 3 ساعات ونصف الساعة) أوضح فيها الخطوط العريضة التي انتهجها في سياسته لإدارة البلاد. فبالنسبة للعلاقات مع الولايات المتحدة الأميركية مثلاً، أوضح الرئيس أنّ «هناك نقاطاً وأهدافاً مشتركة جمعت البلدين تاريخياً في الأوقات الصعبة، وأنه لا بد من وجود لعبة دبلوماسية يحترم فيها الطرفان المصالح الشرعية بينهما». وعن الرئيس الأميركي جورج بوش أكّد بوتين علاقة الصداقة التي تجمعه به على الصعيد الشخصي، فهو شخص «عادل وصريح» كما وصفه، «بغض النظر عن الخطأ الذي ارتكبته إدارته في الحرب على العراق»، مذكّراً بأنه كان وما زال «يعارض الحرب على العراق، ويرى أن قرارها كان خاطئاً». أما عن الأمور التي تتعلق بروسيا والتي «يسيء الأميركيون فهمها»، فأشار بوتين إلى «الفكرة التي يسوّق لها البعض عن قصد، وهي أنّ الكل يمكن له أو يحق له أن يتدخل في شؤوننا الداخلية وسياساتنا الخارجية، معتبرين إيانا غير ناضجين كفاية ونحتاج إلى مساعدة دائمة، وهذا خطأ جسيم». وعن مدى ارتباط حكمه بالسلطات الدينية في روسيا، أشار بوتين إلى أنّ «الدولة يجب أن تحكم بالعقل والمنطق أولاً. وأنا لا أرى أي منطق منفصلاً عن الأحكام والشرائع الدينية». وقد كشف الرئيس عن أنه يحمل دائماً الإنجيل على متن طائرته ويقرأ فيه. أما عن رأيه بسلفَيْه غورباتشوف ويلتسن فأشار إلى أنّهما «تمتّعا بجرأة كبيرة ليهدما النظام السوفياتي الذي لم يعد يحتمله الشعب الروسي ما أعطى الحرية لروسيا ولشعبها». وفي سؤال شخصي عن علاقة الرئيس الروسي بالتكنولوجيا، أفصح بوتين عن عدم تعاطيه بمسائل التكنولوجيا، أو الإنترنت، «أنا لا أحمل حتى هاتفاً نقّالاً» (!)