خالد صاغيّةاستيقظ المواطن ألِف على غير عادته. لم يكن مكتئباً ولا عصبيّاً. كان، ببساطة، مفتوناً. وحين حاول أن يعرف السبب، تبيّن له أنّ الفتنة قد فتنت. ولم يبقَ أمام من فتنَتْ بينهم، إلا أن يفتتنوا بها.
إنّه القدر يا ألِف. فماذا بإمكاننا أن نفعل إذا كان الطقس المتوسّطيّ المعتدل، وقرب الجبل من البحر، هما الأرض الخصبة لزراعة الفتنة؟ هذا ليس خطأنا. وللأمانة، قامت الحكومات المتعاقبة منذ الاستقلال الأوّل والثاني بكلّ ما بوسعها لمحاربة زراعة الفتن ومحاربة القطاع الزراعي برمّته.
أنت تعرف يا ألِف أنّ الفتنة ليست من صنع أيدينا. فمنذ زمن قصير، فتنت بيننا المقاومة الفلسطينيّة. فاستدعينا السوريّين الذين فتنوا ما بين المنظّمات الفلسطينيّة، وبينها وبين اللبنانيين. وهكذا تخلّصنا من الفتنة. لكنّ السوريين أنفسهم تحوّلوا إلى فتّانين، ففتنوا بيننا. وحين أراد الأميركيّون أن يفتنوا بين أهالي المنطقة، جاؤوا وخلّصونا من الفتنة السورية. لكن ما لبث الإيرانيّون أن تحرّكوا وتحرّكت معهم الفتنة الآتية من العراق.
هذا هو أصل الفتنة. حتّى تفاصيلها الصغيرة لا يد للّبنانيين فيها. فهي من صنع الشيطان الفتّان. واللبنانيون مفتونون دائماً بقدرتهم على الانقياد إلى الفتنة، مهما كان نوعها وكائناً من كان وراءها. نحن شعب مفتون بالفتنة، ولذلك نسمّي انقساماتنا فتناً، فهي انقسامات الآخرين على أرضنا، تماماً كما كانت حروبنا حروب الآخرين على أرضنا عينها...
عُدْ إلى النوم يا ألِف.