رامح حمية
هل أتاكم حديث شباط؟ أو الشهر المعروف بأنه “كبش المحرقة” في تنافس السنوات التجارية والكبيسة و“فشة الخلق” في حروب الأباطرة والروزنامات.
يمضي أربع سنوات وهو يلملم فتات الدقائق والثواني المتخلفة عن مواكب الزمن ليصنع منها يوماً كاملاً يضيفه إلى أيامه القليلة، فيسترجع لمواليد التاسع والعشرين منه يوم ميلادهم المغيّب، ويكاد أن يستكمل للقطط شهر عسلها الناقص.
يقولون عنه شعارات وأمثالاً كثيرة من “شباط اللباط” إلى “ما على لسانو رباط”، مروراً بـ“غدار والصيت لآذار” وذلك كله بالنظر إلى مزاجيته و“عنترياته”، فمن شمس حارقة حيناً إلى طقس غائم أو ممطر ومثلج أحياناً. لكننا في المقابل لم نفكر ولو للحظة لماذا ينتقم شباط لنفسه؟ ولماذا يطالب بالتحقيق لرفع مظلوميته؟ ولماذا يسعى إلى “تأليب” الرأي العام ضد الشهور “المعتدية” كتموز وآب اللذين كانا السبب في نقصه في السنوات التجارية والكبيسة؟!
في روزنامة الأزمنة الغابرة كان عمر شباط الرسمي 29 يوماً وكانت السنة تبدأ بآذار وتنتهي بشباط. وحين جاء الإمبراطور الروماني يوليوس قيصر قام بتصحيح وتنقيح الروزنامة آنذاك ورفع عدد أيام السنة إلى 365 يوماً يضاف إليها يوم كل أربع سنوات.
ثم أطلق اسمه على شهر تموز فصار (يوليو)، ولأن التطبيق الفعلي لتقويم قيصر لم يبدأ إلا في عهد الإمبراطور “أغسطس”، ولأن الأول ليس أفضل من الثاني بشيء، فقد أراد الرومانيون تكريم أغسطس على غرار ما فعل قيصر، فأطلقوا اسمه على شهر آب وأخذوا يوماً من آخر السنة حينها وأضافوه إلى هذا الشهر حتى يتعادل مع تموز (يوليو) وينام أغسطس قرير العين. ووقع شباط ضحية القرار الروماني وصار الأقصر بين الشهور. وحدهم الموظفون يحبونه لأنه يأتيهم بالراتب قبل الأوان.