خالد صاغية
أثارت عبارة «اللصوص والقتلة» التي استخدمها السيّد حسن نصر الله في خطابه الأخير استغراباً واستهجاناً لدى فريق 14 آذار. وتساءل أحد السياسيين كيف يمكن وصف نصف الشعب اللبناني بـ«اللصوص والقتلة»؟ لم يكن كلام ذاك السياسي مجرّد تحريض. فهو يدرك جيّداً أنّ كثيرين من مؤيّدي 14 آذار وجدوا أنفسهم معنيّين بهذا الوصف الذي استنكروه.
تشير ردّة الفعل هذه إلى مسألة خطيرة. فالشعب اللبناني ما عاد منقسماً بين تيارين عريضين وحسب، بل بات يتماهى مع قادة هذين التيّارين. فإذا ما وُصف قائد ما باللص وآخر بالقاتل، بات المواطن المناصر لـ14 آذار أو لـ8 آذار معنيّاً بهذا الوصف، كأنّما هو المقصود.
ليس هذا تفصيلاً بسيطاً. فالانقسام الذي بات وجهه القبليّ يضاهي وجهه السياسيّ، مرجّح للاستمرار بالضبط لأنّه نجح في إفادة قادة القبائل. فمعظم هؤلاء القادة هم حقيقة إمّا لصوص شاركوا في نهب المال العام (والخاص)، وإمّا قتلة من أمراء الحرب الأهلية، وإمّا الاثنان معاً. وكانت صدقيّتهم غير عالية حتّى لدى مناصريهم، لكنّهم استفاقوا ذات يوم وسط الانقسام الحاصل، ليجدوا شعباً بأمّه وأبيه يهتف بحياتهم.
ليس صدفة أنّ الزعيم الذي ينطبق عليه هذا الوصف أكثر من غيره هو من أمعن في التعليق عليه. وفي خطوة لافتة في رمزيّتها، لم يملك هذا الزعيم ردّاً للتهمة إلا في إلصاقها أيضاً بغيره، كأنّه يقول «لست وحدي قاتلاً... لستُ وحدي لصّاً».
يظهر الشعب اللبناني اليوم حالاً فريدة من التماهي مع قادة تراوح مآثرهم بين ارتكاب أعمال السطو والقتل على الهوية. إنّ هذا بحدّ ذاته لا يبشّر بمستقبل ورديّ، حتّى لو تمّ التوافق على رئيس... حتّى لو حُلّت مسألة الثلث المعطّل... وحتّى لو تغيّر وجه المنطقة.