strong>محمد محسن
المباريات ليست منقولة على شاشات التلفزة. الجماهير يناهز عددهم الآلاف، لكن صوتهم الذي يصل إلى الأحياء القريبة من مكان الملعب، ينبئ أن ما يجري هو مناسبة رياضية تأخذ «طابعاً عالمياً». موهبة جديدة بدأت بالظهور أخيراً في ملاعب الـ«ميني فوتبول» المنتشرة في الأحياء الداخلية، «معلّقون محليون» يمتّعون الجمهور بتعليقهم على المباريات والبطولات التي، وفي أغلب الأحيان، لا تتعدى كونها مباريات «ودّية» بين فرق الأحياء المجاورة.
حماس يضفونه على اللعب، بطريقة يجعلون فيها جميع أهالي الحي مشاركين في المباريات. تعابير كلاسيكية وأخرى مبتكرة «من أجواء» الحي واللعبة تجعل اللاعبين هم من يطالبون بوجود معلّق أكثر من الجمهور.
ظاهرة المعلّقين الرياضيين في الأحياء والمناطق وخاصة في العاصمة بيروت، تستدعي الانتباه في بلد لا يتبنّى عموماً المواهب الخام.
يعدّ حسين كركي نفسه «المعلّق الرسمي لمنطقة تحويطة الغدير». ويشير الى أنه «في الأصل تتكوّن موهبة التعليق، وعليك أن تنمّيها»، فهو كان يدأب على مشاهدة المباريات العالمية ويركّز على تعليقات كبار المعلقين الرياضيين، كما يطّلع على «أصول المهنة واللعبة» فهما صنوان لا ينفصلان. أما عن الميزات التي يجب أن يتمتع بها المعلّق فيرى كركي أنه «يحتاج إلى مجموعــــــة عناصر أساسية يجب أن تتوفر لديه وإلا فشل في تأدية مهنته»، أول هذه العناصر الصوت والحنجرة، تليهما الثقافة الرياضية العامة، وهي أساسية جداً في العمل. كما يعرّف حسين المعلّق بـ«الشخص الذي يصف الصورة، والذي يتحدث بلسان الجماهير. لذا يجب أن يتحلى بالجرأة أيضاً».
التجربة بدأت في الثانوية عندما كان حسين يعلق على مباريات الدورة المدرسية، «وكنت أنحاز لرفاقي في الصف»، ليجد نفسه في ما بعد مسؤولاً عن التعليق في قريته الجنوبية «ميس الجبل». وبعد انتقاله إلى حي تحويطة الغدير في الضاحية الجنوبية، أعجب شباب الحي بهذه الموهبة، وطلبوا منه أن يعلّق على الدورات التي تجرى في الملاعب، الأمر الذي أضفى على المباريات «نكهة خاصة» كما يقول أبناء المنطقة، فحسين يتقن أصول التحميس، وفنّ التعليق غير المنحاز، كما يجمع الجماهير واللاعبون معاً. أما حسين، فهو يجد «متعة خاصة» في ما يتطوّع للعمل به. إذ لا ينتظر شيئاً من الجماهير المشاركين حضوراً في المباريات، وفي أغلب الأوقات تكون أجرة حسين إما تصفيقاً أو ثناءً من منظّمي الدورات والجماهير. وهو يكتفي بذلك إذ «هو شعور لا يضاهيه أي مبلغ من المال». ولكن، في بعض الحالات، تحصل «خروق» للوضع القائم المعتاد، كما يحلو له أن يسمّيها، فيُمنح ميدالية تقديراً لجهوده أو هديةً عربون شكر لجهوده واندفاعه. إلا أنّ حسين، أراد أخيراً أن يطرق باب الوظيفة فقدّم طلبات عمل في بعض المحطات التلفزيونية والإذاعية «آملاً أن تفتح أمامه فرصة أن يصبح معلّقاً رسمياً وأن يسمع صوته للجماهير العريضة».
وعلى الرغم من إبداء حسين تفاؤلاً حذراً في ما يخص العمل معلّقاً رسمياً في الإذاعات أو المحطات التلفزيونية، لأن «الأسلوب سيختلف كلياً، واللغة واللهجة أيضاً»، إلا أنه يتوق أن يجعل من موهبته مهنة ووظيفة رسمية. فهي في البلدان الأجنبية لها نظامها ونقابتها وأصولها التي يحترمها الجميع.