strong>باسم الحكيم
«لولاكي يا ملاكي»، «صيدلي يا صيدلي»، «ع جبين الليل»، «من أيَّا ملاك» (لحن فيلمون وهبي)، مَن منّا لا يتذكّر هذه الأغنيات التي ظهرت في بداية الثمانينيات، ومثّلت «ظاهرة» ببساطتها وعفويتها ولهجتها اللبنانية؟ أغنيات بقيت محفورةً في ذاكرة الأجيال، وتحوّلت صورةً يشوبها الحنين الى «الزمن السعيد». وقد شاء القدر أن يتزامن رحيل عازار حبيب ــــــ أحد أشهر رموز تلك الحقبة ــــــ مع شهر ولادته. هكذا انسحب أمس بهدوء تماماً كما عاش حياته، بعدما سكت قلبه قبل أن يطفئ شمعته الثانية والستين.
ينتمي عازار حبيب الذي ولد في 28 تشرين الثاني (نوفمبر) 1945، في بلدة الحوش ــــــ قضاء راشيا، إلى رعيل فنانين اختتموا رحلة نجاح الأغنية «اللبنانية»، بينهم جوزيف ناصيف، إيلي شويري، رجا بدر، هدى، رونزا، جوزيف عازار، طوني حنّا، عصام رجّي، سمير حنّا، سمير يزبك، ومروان محفوظ وسواهم.
وعلى رغم مرور أكثر من 20 عاماً على صدور آخر ألبوماته الخمسة: «نانا» (1980)، «لولاكي يا ملاكي» (1981)، «صيدلي يا صيدلي» (1983)، «ع جبين الليل» (1985)، «بدك زقفة» (1986)، فإن أغنياته لا تغيب عن بال الجمهور: «مش مهم تكوني حدّي»، «إنت رفيقي»، «كتير محلّايي»، «عم لملم حناني». وكذلك الأغنيات التي لحّنها لزملائه وكانت العامل الرئيس في شهرتهم، بينهم: هادي هزيم (عازز عليّ النوم)، سالم الحاج (بحبّ عيونا)، الأمير الصغير (ع طبق ألماز)، منعم فريحة (عاخدك حبّة لولو)، مادونا (ع إيدك ربيت)، وصولاً إلى أمل حجازي في أغنيتها «آخر غرام».
في مطلع شبابه، عمل الراحل في حقل الغناء الغربي قبل أن يتحوّل إلى تأليف المسرحيات الغنائيّة وتلحينها عام 1975، بينها «موسم الطرابيش». اعتُمد ملحّناً من الدرجة الأولى وفق تصنيفات الإذاعة اللبنانيّة أيّام عزّها. في منتصف الثمانينيات، قدّم استعراضه الأول على مدرج ميروبا. وبعد ذلك، صدرت له ثلاثة ألبومات لم تجد الإقبال الذي شهدته ألبومات المرحلة الأولى وهي «عاقل»، «احترنا شو بدنا نغني»، «لحد اليوم».
على مدى أكثر من ثلاثة عقود، أي منذ منتصف السبعينيات حتى أيّامه الأخيرة، حقّقت معظم أغنيات عازار حبيب النجاح، سواء على صعيد الأغنية أو على صعيد اللحن. ولعلّه مع شريكه وصديق عمره الشاعر الياس ناصر، لم يتوقّعا أن تحصد أعمالهما كل هذا الإقبال وأن تظل في الأذهان كل هذه السنوات.
وهنا يتحدّث الشاعر الياس ناصر عن علاقته بعازار حبيب: «خلال خمسة وثلاثين عاماً تشاركنا الهواجس الأدبية والفنيّة، وتوصّلنا إلى معادلة أرضت الجمهور»، كاشفاً عن مواهب فنيّة أخرى لعازار: «رسم بريشته كبار الفنانين والشعراء اللبنانيين والعالميين، منهم سعيد عقل، فيروز، منصور الرحباني وفيلمون وهبي، بالإضافة إلى لوحات الفن التشكيلي».
كان حبيب عضواً فاعلاً في الهيئة التنفيذيّة لجمعيّة المؤلّفين والملحنين وناشري الموسيقى، ونقابة الفنانين المحترفين في لبنان، ولجنة المراقبة لصندوق تعاضد الفنانين. آخر الألبومات التي قدّمها قبيل ثلاث سنوات كان بعنوان «أحلى السيدات» الذي لم يحظَ بإقبال جماهيريّ كبير في زمن طغت عليه الأغنية السريعة «لأن ذاكرتنا مثقوبة... ومع ذلك، منذ إطلاق ألبومه الأخير، لم يتوقف عن تقديم الحفلات في الدول العربيّة، ولا سيّما في سوريا والأردن». وهنا يلفت ناصر إلى «أننا كنا في انتظار مرور الاستحقاق الرئاسي لتسجيل ألبومنا المقبل الذي كنّا سنلحقه بألبومين آخرين في وقت لاحق».