بغداد ـ الأخبار
أُزيلت الحواجز التي كانت تغلق منافذ شارع أبي نواس الشهير في بغداد أخيراً. ولكن لافتتين رافقتا إعادة فتح الشارع، الأولى تمنع «حمل السلاح في الشارع» والثانية تمنع... «شرب الكحول فيه وفي جميع حدائقه». وبهذا تكون قد منعت إحدى أبرز الميزات التي ارتبط بها هذا الشارع كارتباطه بالسمك المشوي (المسكوف) وبتمثال أبي نواس حاملاً كأس الخمر والذي لا يزال منتصباً على مدخله.
هذا الشارع الذي سمّي على اسم الشاعر أبي نواس الذي توفي في بغداد سنة 198هـ ، والذي يقع على الضفة الشرقية لنهر دجلة في الرصافة امتداداً إلى منطقة الكرادة الشرقية، ضمّ على مدى تاريخ بغداد الحديث، ومنذ أربعينات القرن الماضي، مناطق سهر وسمر، وبيوت الحصير (الجراديغ) التي كانت تنصب قرب ضفاف النهر أو حتى في وسطه عندما تنحسر المياه نسبياً، كما تمتد على طول الشارع المتنزهات والكازينوهات والمقاهي، البسيطة والراقية، التي تجمعها ميزة تقديمها وجبة العشاء التقليدية من السمك المشوي أو «المسكوف» على الطريقة العراقية. إضافة إلى محال بيع المشروبات على أنواعها.
ورغم أن النظام السابق كان قد حظر مقاصف الشرب، لا في شارع أبي نواس وحده، بل في عموم البلاد، في ما وصفها في التسعينيات بـ«الحملة الإيمانية»، فقد فاجات اللافتات السكان وعشاق التردد إلى الشارع.
وفي هذا الشأن، قال وكيل وزارة الداخلية لشؤون الشرطة آيدن خالد إنه «لم يسمع بالقرار، ولم يُستشر قبل اتخاذ هذه الإجراءات»، ورأى أنه «في منطق الحرية والديموقراطية لا يعدّ شرب الكحول جريمة بالنسبة إليه، إلا إذا تعدّاه إلى أعمال عربدة واعتداء على حريات الغير». ولفت رئيس مجلس بلدية الكرادة، محمد الربيعي، إلى «ضرورة التزام أصحاب المطاعم في شارع أبي نواس الضوابط القانونية الخاصة بالسماح لهم بتقديم المشروبات الكحولية لزبائنهم»، وشرح أنّ «التصميم المعماري لمعظم هذه المطاعم لا يسمح بأن تكون خاصة، لأنها مكشوفة، لكن من يأتي بموافقة مرفقة من الأمانة ومن السياحة، خاصة ببيع المشروبات الكحولية، وبتناول هذه المشروبات في أبي نواس، يسمح له.
وقد تركت هذه اللافتات انطباعات متباينة لدى العراقيين، بين مرحّب بالخطوة لاعتبارات يصفونها بـ«الدينية والأخلاقية والاجتماعية»، وبين رافض لها، لكونها «تحدّ من الحريات العامة التي يكفلها الدستور».
وكان الشارع قد أُغلق منذ بدء الاحتلال، إذ إنه يمتد مقابل «المنطقة الخضراء»، وعلى مقربة من معظم الفنادق تقع مقرات الاحتلال التي كانت تستضيف الأجانب من إعلاميين ورجال أعمال وشركات، فتحوّل إلى شارع أشباح خال من الزوار والمواطنين. أما اليوم، فيناشد المواطنون أمانة بغداد إيلاء الشارع اهتماماً أكبر من حيث بسط الأمن وإعادة تشجير الحدائق والاهتمام بها.