strong>بيسان طي
مرة جديدة يقف نزار حسن في مواجهة مع جندي في احتياطي الجيش الإسرائيلي. هذه المرة لم يجلس نزار في صالة سينما، واضعاً الجندي الذي شارك في تدمير مخيم جنين وجهاً لوجه مع صور ضحاياه، كما فعل في فيلمه «اجتياح»، بل مارس السينمائي الفلسطيني بصفته أستاذاً جامعياً حقه في أن يرفض كل مظاهر العنف في قاعة المحاضرات.
إضافة إلى نشاطه الإبداعي، يعمل نزار حسن أستاذاً في مدرسة السينما والتلفزيون في كلية «سبير» في النقب، حيث يدرّس مواد تجمع بين فنون السينما والأنتروبولوجيا منذ خمس سنوات. وفي 8 الجاري، دخل إلى صفه تلميذ ببزة الجيش الاحتياطي الإسرائيلي حاملاً رشاشه. فوجئ نزار بما شاهد وطلب من التلميذ أيال كوهين عدم تكرار هذا الأمر مجدداً، وقال له أن يأتي إلى الصف في المرة المقبلة بلباس مدني ومن دون سلاح. وحين أراد كوهين التدخل أثناء المحاضرة التي كان يلقيها حسن، قاطعه المخرج الفلسطيني قائلاً له «لن أسمح لك بالكلام ما دمت في لباس عسكري، وعندما تأتي بصفتك المدنية سأدعك تتحدث لعشر دقائق».
اعتقد حسن أن الأمور انتهت عند هذا الحد، وسافر إلى فرنسا لينهي عملية مونتاج لفيلمه الوثائقي الجديد الذي لم يختر له عنواناً نهائياً، وهو فيلم عن الهوية اللبنانية، من إنتاج محطة arte الفرنسية ـــــ الألمانيّة، وقد اتّفق المخرج والشركة المنتجة على أن يكون الفيلم جاهزاً مع بداية الشهر المقبل، لكن هذا الأمر يبدو مستحيلاً، فقد اضطر حسن إلى العودة قبل أيام إلى بلاده قبل أن يفرغ من المونتاج، كي يواجه الحملة التي تُشن ضده، ويشارك فيها مدنيون إسرائيليون ووسائل إعلام وجنود في الجيش الإسرائيلي، إذ نُظّمت تظاهرة ضد المخرج الفلسطيني، وطالب أعضاء في الكنيست وشخصيات إسرائيلية عامّة إدارة المعهد باتخاذ إجراءات ضد حسن، ووجّه هؤلاء نداء إلى طلاب المعهد بمقاطعة المحاضرات التي يلقيها.
أوردت بعض الصحف الإسرائيلية أن كوهين هو «ضابط في شعبة الاستخبارات العسكرية». وقد حرّف الطالب ما قاله أستاذه مدّعياً أن حسن قال إنه «لا يُعلّم الجنود ورجال الشرطة في زيّهم العسكري». وأضاف التلميذ ـــــ وفق ما جاء في صحيفة «يديعوت أحرونوت» ــــــ أنه كان قد أنهى للتوّ خدمته العسكرية، وأنه رفض الامتثال «لأوامر حسن بمغادرة الصف» وأن زملاءه تضامنوا معه. ونقلت الصحيفة الإسرائيلية عن تلميذ لم تذكر اسمه (!) أن «تصرف حسن لم يكن مفاجئاً فهو يعبّر دائماً عن انتقاداته لجيش الاحتياط الإسرائيلي».
مدير المعهد زائير تزاهور قال للصحيفة الإسرائيلية «بعدما سمعنا وجهة نظر طرف واحد، نميل إلى تصديق ما قاله التلميذ»، مضيفاً أن قانون الكلية يسمح للطالب الإسرائيلي بالدخول إلى حرمها في زي عسكري. وقد قررت إدارة المعهد عقد اجتماع للجنة تسمى «الطاعة»، وهي مخوّلة فصل حسن من عمله.
لنزار حسن 14 فيلماً منها «كلمات»، «استقلال»، «تحدّي»، «أسطورة»، «ياسمين»، ومن أشهر أعماله في لبنان فيلم «اجتياح». وقد صرّح لـ«الأخبار»: «المشكلة هي مشكلة المجتمع الاسرائيلي، إنه مجتمع شرنقة. لا فصل فيه بين المدني والعسكري... وفي أعقاب حرب تموز التي شُنّت على لبنان تلقت هذه الشرنقة ضربة»، وأضاف: «أصبح المجتمع العسكري في مأزق». ورأى حسن أن «أحداث كالتي حصلت معي ربما هي طريقة تحاول من خلالها هذه الشرنقة استعادة اعتبارها، عن غير قصد فُتح ملف العسكرة في هذا المجتمع ــــــ الشرنقة». وختم حسن: «مشاكل الإسرائيليين مع أنفسهم في هذه المرحلة هي آخر اهتماماتي... مع الاعتذار من كل العرب المراهنين على إنسانية مجتمعات الشرنقة، ولقاءات المتاحف».