strong>صباح أيوب
«في عالم مليء بالحقد والحسد نرفع الصوت للدفاع عمّن له الحق في القتال من أجل قضية عادلة، من أجل الشعب الفلسطيني، ومن أجل الثوّار الكولومبيين». أن يشق هذا الصوت هدوء وسلام إحدى الدول الأوروبية الاسكاندينافية البعيدة عن صخب النزاعات والمطالبات والحقوق المهدورة، هو أمر مستغرب بعض الشيء للاسكاندينافيين أنفسهم كما للجهات المعنية. ها هي الدنمارك تُشغَل مجدداً بقضية «جدلية» من نوع آخر، وهذه المرّة، بمحاكمة مجموعة شبابية يتهمها القضاء الدنماركي «بدعمها للإرهاب» عبر بيعها قمصاناً تحمل أسماء «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين» و«القوات المسلحة الثورية الكولومبية» (الفارك).
وبعد مشكلة الرسوم الكاريكاتورية التي لا تزال مفاعيلها حيّة في الدنمارك والعالم العربي والإسلامي، ظاهرة جديدة تشغل العاصمة كوبنهاغن حالياً، وهي قيام مجموعة من المواطنين الدنماركيين بتقديم دعم مادي لبعض المنظمات الثورية بتصميم ثياب وطبعها وبيعها عبر الإنترنت تحمل شعارات وأسماء لـ «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين» و«القوات المسلحة الثورية الكولومبية» (فارك) التي تصنّفها الدنمارك، وفق قوانين الاتحاد الأوروبي لمكافحة الإرهاب، منظمات إرهابية. ولقد تبيّن أنّ تلك المجموعة تنتمي إلى منظمة تدعى «مقاتلين وأحبّاء»
«Fighters and Lovers» تقوم عبر موقعها الإلكتروني (www.fightersandlovers.org) بالتسويق لبعض المنتجات الموسيقية وبعض الملابس التي تحمل شعارات المنظمات الثورية تلك. كما تدّعي أن ريع تلك المنتجات يعود لدعم المنظمات المذكورة. وتصف المجموعة نفسها بأنها «مؤسسة خاصة تعمل في سبيل الحرية»، ويتضمن موقعها الإلكتروني شرحاً لمبادئها و«فلسفتها» التي تنادي «بالحوار عبر الموضة والموسيقى لإيصال صوت المجموعات التي تسعى للتحرر». كما يعرض الموقع بعض الأفلام المصوّرة التي تدّعي أنها تصوّر عملية تسليم الأموال التي جمعتها منظمة «مقاتلين وأحبّاء» للـ«فارك». وقد اقتيد 6 من أعضاء المجموعة إلى الاستجواب أخيراً، ويتوقّع أن تحكم السلطات القضائية عليهم بالسجن في الجلسة المعينة في 13 من كانون الأول المقبل. ويذكر أن عقوبة «دعم الإرهاب» قانوناً قد تصل إلى السجن لمدة 10 سنوات. وكان مسؤول مجموعة «مقاتلين وأحباء» قد أعلن سابقاً لوكالة «فرانس برس» أنّه «غير آبه بالعقوبات التي قد يفرضها القانون عليهم، إذ إنّ الزبائن الذين يشترون القمصان هم من سيكملون دعمهم للثوار، فللناس الحق بالدفاع عن قضية يتبنونها». ولكن سؤالاً أساسياً طرح في الأوساط القضائية والإعلامية الدنماركية تناول مسألة موضوعية واستقلالية القانون في الدنمارك. إذ، كما تذكر صحيفة «كوبنهاغن بوست»، فإن مجموعة أخرى تضمّ أعضاءً من «حركة المقاومة الدنماركية في الحرب العالمية الثانية» أو بعض أقاربهم كانت في وقت سابق قد جمعت أموالاً وأرسلتها إلى منظمة «فارك» بعدما بعثت برسالة إلى وزارة العدل تعلمها فيها بذلك. لكن لا أحد تحرّك لمنعها أو الاعتراض على عملها أو حتى محاكمتها. وكانت وزارة العدل الدنماركية قد ردّت بأن الرسالة كانت موجهة إلى قسم الشرطة في كوبنهاغن، لكن لا الشرطة ولا الوزارة تسلّمتها. ولكن الصحيفة تشير إلى أنّ «حركة المقاومة الدنماركية» تلك أعلنت دعمها وتأييدها لمجموعة «مقاتلين وأحبّاء»، ما يجعلها شريكة أيضاً في المحاكمة والمقاضاة.