strong>جوانّا عازار
تعرّف اللبنانيون منذ سنوات على « شمشوم لبنان»، ذاك الرجل الذي يأكل الزجاج ويبلع المسامير ويكسر الحجارة بيديه، والذي يأكل النار و لا يتأثّر بسيّارة تمرّ على جسده أو بصخرة تكسر على بطنــــــه. وقد ظهر للجمهور العريض بعد أن شارك في حفلات وبرامج تلفزيونيّة عديدة، كان أبرزها «الأوّل على الـ LBC» مع الإعلامـــــــي الراحل رياض شرارة. ولكن «شمشوم» هذا، وإن ظنّ البعض أنّه مارد أو جبّار، لا يزيد وزنه في الواقع على 49 كيلوغراماً.
هو « يوسف بو جريس»، من بلدة قرطبا، ويسكن في بلدة شخنايا قضاء جبيل، من مواليد سنة 1957، متزوّج وله سبعة أولاد. وهو اليوم يعدّ من بين أصحاب الهوايات النادرة التي لم تهتم الدولة لدعمهم أو احتضانهم. ينعته البعض بالمجنون نتيجة أعماله الغريبة والجريئة جداً، فيما يصفه آخرون بالساحر الذي يعتمد السحر والتنجيم ليقوم بهذه الأعمال التي تفوق القدرة الإنسانية. أمّا شمشوم، فيختصر ما يقوم به بالقول: «إنّها لعبة أعصاب وفنّ السيطرة على الذات رغم كلّ الضغوطــــــات التي تواجه الرياضيّ، وليس لكلّ إنسان القدرة على تحمّلها». مشيراً إلى أنّ الحركات التي يقوم بها تدخل ضمن رياضة ألعاب القوى، وقد بدأ بتعلّمها وهو في عمر الـ16 عاماً، في نادي متخصّص، واستطاع التمكّـــــــن منها في مدّة قصيرة. وبرع في هوايته التي تطوّرت مع الوقت، واستطاع بفضلها أن يشارك في حفلات ومهرجانات عديدة في مختلـــــــف المناطق اللبنانيـــــة، إضافة إلى مشاركته في سوريا، قبرص واليونان. وعند سؤاله عن كيفيّة تمكّنـه من أكل الزجاج، يجيب ببساطـــــــة: « أتخيّل نفـــسي أنني آكل الخبز، فآكل الزجـــــــاج محلّه». وشمشوم لم يدخل يوماً إلى المستشفى للعلاج، ولم يتعرّض في حياته لأيّة مشاكل صحيّة تذكر، ما عدا جرح فمه ولسانه بعد أكل الزجاج. وعن خطر أكله للنار، يعلّق شمشوم بالقول: « شواربي لا تزال كما هي، ولم تحرقني النار مرّة»، هو لا يتبع نظام أكل معيّن، لكنّه يأكل الخضر والفواكه بكثرة، ويبتعد عن المأكولات المعلّبة والوجبات السريعة، ويمارس رياضة المشي باستمرار.
شمشوم الذي لديه ألعابه الخاصّة وبرنامجه المكثّف، لا يفكّر اليوم في نقل تجربته إلى غيره من خلال معهد أو نادٍ رياضي خاص، لأنّ هذه الألعاب خطرة «وبدّها قلب قوي». وهو اليوم يتذكّر بفخر كل المناسبات التي شارك فيها، والميداليات والكؤوس التي حصدها، ولكنّه يتحسّر على تلك الأيام، مضيفاً أنّه «حرام أن يكون لأحد موهبة في لبنان»، فما من أحد يهتم، ولا من دولة تنمّي أو تقدّر هذا الفنّ، على عكس بعض الدول الأخرى، كالصين أو الهند مثلاً، حيث تعدّ تلك الموهبة من المواهب الأساسية في رياضة ألعاب القوى. بعد أن كان شمشوم يشارك في الحفلات والمناسبات مجاناً لمجرّد «إضفاء بعض الغرابة والمتعة على الجمهور»، أصبح اليوم يشارك في حفلات قليلة، ويتقاضى أجره ليكسب لقمة عيشه.