strong> باسم الحكيم
«بعد سنوات من الانتظار، تحوّل الحلم إلى واقع». الفنان والشاعر رودي رحمة كسر الرقم القياسي لأكبر منحوتة خشبية في العالم، ودخلت منحوتته «الثالوث» الموجودة في غابة أرز الربّ في بشري، والتي يبلغ ارتفاعها 39 متراً، موسوعة «غينيس» Guiness للأرقام القياسيّة. وتفوقت بذلك على منحوتة بينوكيو التي صنعها بيار فوليه وفريقه، في منطقة Saint Legier في سويسرا، بعلو بلغ 13,27 متراً.
لم تكن الطريق أمام رحمة سهلة، فقد واجهته صعوبات جمّة، إذ ليس من السهل القيام بالنحت على شجرة يبلغ طولها ما يقارب أربعين متراً وهي في أرضها، وخاصة إذا ما أصيب خشبها على مر السنين بالهريان. وقد ولد المشروع على أيدي لجنة «أصدقاء غابة الأرز»، الذين فكّروا بطرق لحماية تلك الشجرة العملاقة وإنقاذها، ويكشف رحمة عن تسجيل اقتراحات عدّة، منها قطع الشجرة وتحويل خشبها إلى مقاعد...، لكنه عرض أن ينحتها وهي في أرضها من دون المساس بها. ولم يجد اقتراحه هذا قبولاً جماعيّاً في البداية، واعتبره البعض ضرباً من الجنون. ويشرح رحمة: «نحن لا نتحدث عن قطعة خشبيّة، يمكن العمل على نحتها في مشغل، بل عن شجرة عملاقة». ولم يتأخّر المشروع حتى وجد من آمن به، فغاص رحمة في رحلة شاقة من العمل استمرت نحو ست سنوات، «حتى باتت الشجرة بيته الذي نام فيه مئتي ليلة وليلة». وقد استخدم في نحتها: السقالات، والحبال والأزاميل المتعددة الأشكال والمقاساتويشير رحمة إلى أن «المنحوتة تحمل 105 أشكال بشريّة، منذ الولادة فالطفولة مروراً بمراحل الحياة المختلفة من أمومة فشيخوخة وصولاً إلى المخاض الأخير، ومن بينها أبرز رحمة أيضاً جسدَي آدم وحواء في أشكال غير مكتملة، ويبدو السيّد المسيح مجسداً بشكل الإله الابن مرّة، وبشكل إنسان عادي مرّة أخرى، استطاع أن يجمع بين قوتين في الطبيعة، قوة الزمان وقوّة المكان». وتكمن صعوبة اللوحة الضخمة التي نحتها رحمة، في أن الشجرة التي ظلّت على حالها، تتولد فيها الأشكال بعضها من بعض، فترى القدمين في أحد الأشكال البشريّة، هما نفسيهما اليدين في الشكل الآخر، ووجه الرجل سيتحول إلى جسد امرأة. وهنا، يتحدث عن صعوبة كبيرة في نحت كل هذه التفاصيل.
ويكشف رحمة عن استكمال إنجاز مشروعه قبل أكثر من عشر سنوات (أي في عام 1996). إذاً لِما كان كل هذا التأخير؟ ألمحاولة إدخالها في موسوعة «غينيس»؟ يجيب «سبق أن أرسلنا معلومات عنها وصورها، بهدف إدخالها الموسوعة كأكبر منحوتة نباتية في العالم، غير أنه لا يوجد في الموسوعة باب للمنحوتات النباتية، لذا أرسلنا طلباً لإدخالها كأكبر منحوتة خشبية في العالم قبل نحو شهرين».
وعما إذا كان يتخوف على منحوتته من التآكل والهريان مع مرور الأيام، فهو يأمل بتقديم رعاية خاصة لها من قبل المهتمين، وخاصة من «الجامعة الأميركيّة» و«جامعة القديس يوسف» لكفالة استمرارها وبقائها.
وعلى رغم أن المنحوتة موجودة منذ سنوات في غابة أرز الرب، في بشري بلدة جبران خليل جبران، فإنها لم تجد اهتماماً من الدولة. لكن بعد دخولها في «غينيس» قد يتغيّر الوضع. وبالمناسبة سيقام حفل رسمي غداً برعاية وزير السياحة جو سركيس، يُختتم بإزاحة الستار عن المنحوتة وإعلان المقاسات الرسميّة لها.