strong>غادة نجار
فاز أمس العالم الألماني، الدكتور في الكيمياء الفيزيائية جيرهارد آرتل، بجائزة نوبل للكيمياء لعام 2007. وقد أعلنت لجنة الجائزة، التابعة للأكاديمية الملكية السويدية للعلوم، أنها تأتي اعترافاً بإنجازاته في دراسة العمليات الكيميائية على الأسطح الصلبة surface chemistry. ولهذه العمليات استخدامات أساسية في الزراعة والصناعة الحديثة في عالمنا اليوم. ظهرت كيمياء الأسطح الصلبة الحديثة في الستينيات، وذلك بفضل تكنولوجيا الـVacum أي «الخواء» (الشبيه بالخواء في الفضاء الخارجي). كان آرتل من أوائل العلماء الذين أدركوا إمكانات هذه التكنولوجيا، وقد أسس منهجية واضحة لميدان جديد من الأبحاث الكيميوفيزيائية.
إن دراسة التفاعلات الكيميائية على الأسطح الصلبة، أمر صعب، لأن هذه الأسطح قابلة للتلوّث وللتغيرات السريعة بمجرد تعرّضها لعنصر بسيط من عناصر الطبيعة، هكذا تصير دراسة أي تفاعل (فيزيوكيميائي) محدد بمعزل عن باقي التفاعلات أمراً مستحيلاً، إذا لم تتوافر تقنية عزل عالية وتكنولوجيا متطورة. وهنا تأتي «دقة ومثابرة» آرتل الذي اجتهد في استخدام أي تقنية حديثة من أجل التوصل إلى متابعة أي تفاعل أراد دراسته بمعزل عن التفاعلات الأخرى، وذلك في كل خطوة من خطوات هذا التفاعل. ونتيجة لهذه المنهجية، استطاع آرتل أن يقدم معلومات دقيقة عن التفاعلات التي قام بدراستها. والأهم أنه قدّم للعلماء تقنية تجريبية جديدة، يستطيعون استخدامها من أجل دراسة تفاعلات أخرى على الأسطح الصلبة في ميادين مختلفة.
وقد قام آرتل بدراسة عملية Haber ـــــ Bosh التي كانت الأساس الذي سمح بإنتاج الأسمدة الصناعية، بعد أن سهّلت عملية إنتاج الهيدورجين صناعياً. فقد كان نقصه مسبباً أساسياً في الماضي لنقص المحاصيل الزراعية وافتقار الأراضي إلى الإنتاجية.
ويتمثل إسهام آرتل الكبير في تمكنه من دراسة وشرح ما يجري بالتحديد في عملية Haber ـــــ Bosh التي تقوم على دراسة تفاعل الهيدروجين مع النيتروجين على سطح من الحديد. والأهم أنه استطاع أن يضع، نتيجة هذه الدراسة، قواعد تطبيقية لمنهجية متكاملة لدراسة ما يجري كيميائياً على أي سطح صلب. هكذا استخدم آرتل منهجيته لدراسة كيفية تحوّل مونوكسيد الكربون إلى ديوكسيد الكاربون على الأسطح البلاتينية الصلبة.
وإذا أردنا الاكتفاء بهذين التفاعلين، وللدلالة على أهمية ما قام به آرتل، نقول إن هذه التفاعلات هي في أساس عمل فيلترات الهواء في مكيفات الهواء وأنابيب إخراج الهواء من السيارات. وهذان المثلان لا يشكلان سوى التطبيقات البسيطة لمنهجية آرتل.
وقد بدأ الفائز بنوبل أخيراً اختبارات جديدة على أنواع مختلفة من الأسطح الصلبة، مستفيداً من التقنيات العلمية التي تظهر كل يوم. هذه الاختبارات ستسمح له بإضافة التوضيح تلو الآخر إلى الصورة التي بدأ برسمها للكيمياء على الأسطح الصلبة، وذلك حتى يكتمل المشهد الذي قد يصل إلى شرح كامل ربما لحل مشكلة تآكل طبقة الأوزون. وفي هذا الإطار، تجدر الإشارة إلى أن التفاعلات الأساسية في هذه الطبقة تجري على أسطح صلبة من الجليد موجودة في «الستراتوسفير» (stratosphere).