خالد صاغية
يتنقّل الرجل كالحسّون بين القلاع اليمينيّة في الولايات المتّحدة الأميركيّة. وهو يحظى بالتصفيق والاستقبالات الحارّة، فيما يقدّم نفسه كـ«زبون عزّ الطلب» لدى مراكز صنع القرار الأميركية.
فالرجل يأتي من بلاد تتعرّض لاغتيالات سياسيّة من قبل دولة سبق أن صنّفها الرئيس الأميركي في محور الشرّ. وهو ما كان ليطلب النجدة لو أنّ القتل متاح له، غير أنّ القيام بأعمال مشابهة ليس من طبعه، كما قال. والرجل يأتي من بلاد يختبئ سياسيّوها المحبوبون داخل خنادق «فينيسيّة» بلا نوافذ، خوفاً من القنّاصة والسيّارات المفخّخة.
لكنّ الرجل ليس طالب نجدة عاديّاً. إنّه «زبون» فوق العادة. فهو يأتي من صلب المعركة، ويحمل، على رغم ذلك، التعميمات البسيطة التي يهواها بعض الغرب عن الشرق. الديكتاتوريّة، الظلاميّة، المقاومات، حركات التحرّر الوطني، الاغتيال السياسي، التخلّف... هذه كلّها مترادفات يختزلها الرجل بالمعارضة اللبنانيّة.
والرجل ممّن جاؤوا إلى الولايات المتّحدة بعدما زالت الغشاوة من أمام أعينهم، وبعدما أمضوا وقتاً طويلاً في الظلام قبل أن يتعلّموا أهمية القِيَم الديموقراطية. لقد رمى الرجل جانباً قصاصات «اللوموند ديبلوماتيك» التي كان يحضرها معه إلى الندوات والحلقات التلفزيونية، واستبدلها باستشهادات برنارد لويس. إنّه ليس حليفاً سياسياً وحسب، إنّه واحد من أولئك الذين لقوا خلاصهم على يد التدخّل الأميركي في المنطقة. إنّه واحد من الضالّين الذين أعادتهم حروب الإمبراطوريّة إلى الحياة. أيّ قدر جميل أرسل وليد جنبلاط إلى جورج بوش.