خالد صاغية
أيتها التدخّلات الخارجيّة، أين أنتِ؟ ما كلّ هذا التعفّف، وكلّ هذه الوداعة، فيما البلاد تسير بخفّة نحو الفراغ؟
السفير الأميركي، السيّد جيفري فيلتمان، مصرّ على عدم التدخّل في الشؤون اللبنانية الداخلية، لا بل يعتبر أنّ مهمّته في لبنان تكاد تنحصر في منع التدخّلات الخارجية. يقول ذلك مراراً وبكلّ فخر، كمن ينفي تهمة. السيّد فيلتمان لا يتدخّل، ولا يريد لغيره أن يتدخّل.
المسؤولون السوريّون لا يريدون التدخّل أيضاً. وهم يكرّرون، بكلّ براءة وطيبة خاطر، أنّهم يدعمون ما يتوافق عليه اللبنانيّون. فقد ساءهم السلوك اللبناني منذ التمديد للرئيس إميل لحود. وهم قرّروا الابتعاد منذ أن اتّهموا بالاغتيالات.
الإيرانيّون أيضاً لا يتدخّلون، وهم منهمكون بملفّهم النووي، وعملهم العربي يقتصر على تقريب وجهات النظر بين السعودية وسوريا.
الترويكا الأوروبية أعلنت دعمها وخوفها على اليونيفيل، وقالت إنّها لا تريد التدخّل في الشؤون اللبنانية.
حتّى فرنسا، الأمّ الحنون، ترفض التدخّل. واقتصرت ضغوط وزير خارجيّتها على حثّ المجتمع المدني (؟) على تنظيم حملة لم يسمع بها أحد.
لقد صدّق العالم أنّ اللبنانيين من هواة الحرية والسيادة والاستقلال. واللّه كنّا نمزح. وهذا الحديث اليوم عن الوصايات غير جدّي بتاتاً. الواقع أنّنا لا نريد سيادة، ولا حرية، ولا استقلالاً. الاستقلال الأوّل كان مزحة لم يصدّقها أحد. أفتصدّقون نكتة الاستقلال الثاني؟
أيّتها التدخّلات الخارجيّة، أين أنتِ؟ أتسلّمون بلداً لحفنة من الأولاد؟