خالد صاغية
لا شك في أنّ كثيرين ممّن أسهموا في زجّ الجيش في معركة تدمير مخيّم نهر البارد، كانوا يتمنّون لهذا الجيش الذي أشبعوه مديحاً في الأشهر الأخيرة ألا يخرج من أوحال هذه المعركة قبل جلاء موضوع الاستحقاق الرئاسي.
أمّا بعد حسم المعركة أمس، وما رافق هذا الحسم من ابتهاجات واحتفالات وكذلك من سقوط عدد كبير من الشهداء، فقد بات من الصعب إخراج الجيش من المعادلة الرئاسية. لا يعني ذلك أنّ قائد الجيش ميشال سليمان أصبح الأقرب للوصول إلى قصر بعبدا، لكنّه يعني أنّ المؤسّسة العسكرية أصبحت لها كلمة أكبر في اختيار المرشّح الرئاسي. سيقال إنّ الجيش قام بمهمّاته العسكرية، وأنّ لا مكان لتدخّله في السياسة في الأنظمة الديموقراطية. وهذا كلام كان يمكن أن يكون سليماً لو أنّ حكومة لبنانية شرعية اتّخذت قراراً سياسياً واضحاً كلّفت بموجبه الجيش تنفيذ شقّه العسكري. لكنّ ما جرى هو أنّ الحكومة، وهي حكومة مشكوك بشرعيتها على أي حال، اتّخذت قراراً ملتبساً مفاده أنّها تقف خلف الجيش (لا أمامه) في معركة نهر البارد.
لقد تُرك الجيش وحيداً في معركة كلّفته الشهيد تلو الشهيد، إضافة لتشريد آلاف المدنيين الفلسطينيين. حدث ذلك في الوقت الذي كانت فيه القيادة السياسية تصفّق من بعيد، وتطلق ابتسامات خبيثة.
الابتسامات الخبيثة نفسها بدأت تظهر ممّن يتهافتون لتبنّي «نصر»، على أنقاض مخيّم للفقراء.