عامر ملاعب
بات «الابتكار» في حفلات الزفاف في لبنان أمراً محسوماً وإحدى القواعد الأساسية التي ترافق تحضيرات الزفاف ومراسم الاحتفال كي يكون ذلك اليوم مميزاً بكل تفاصيله. فإضافة إلى الاهتمام ببطاقات الدعوة ولباس العروسين والمأكولات وزينة الاحتفال، تحظى سيارة العروس التي ستتنقل بها اهتماماً خاصاً يراوح بين تزيينها بالزهور والبالونات واستئجار السيارات ذات الطراز القديم وغيرها... لكن إحدى حفلات الزفاف التي «ضجّت» بها بلدة بيصور الشوفية هي تلك التي كان موكبها عبارة عن شاحنات من الحجم الكبير فوجئ سكّان البلدة والمدعوون بوصولها الى الساحة مزينةً بالزهور تتقدمها واحدة بيضاء مخصصة للعروسين. وقد ترافقت لحظة الوصول المفاجئ مع إطلاق العنان لأبواق الشاحنات التي زُيّنت بالزهور والشتول والشرائط البيضاء. وبعدما حطّ الموكب في مكان قريب من منزل العروس تهيّأت مجموعة من شبان البلدة من الأهل والأصدقاء لـ«رفع» العروسين إلى الشاحنة، ومن ثم صعد باقي المدعوين إلى الشاحنات الأخرى، وسار الموكب ببطءٍ شديد في شوارع البلدة نتيجة الازدحام الذي سبّبه، وتجمهر الأهالي في الطرقات لرؤية الموكب والتقاط صور للعروسين داخله.
ويقول العريس منصور «حاولنا التفتيش عن التمايز، وقد شعرنا أن كل الأفكار أصبحت مستهلكة ولم تعد لافتة، وبما أنني أمتلك مؤسسة تعمل في مجال النقليات العامة، قررنا أن يكون موكب العرس مكوناً من مجموعة شاحنات»، ويضيف أن «أصعب لحظة كانت حين أخبرت سلام بالفكرة وكنت خائفاً جداً من ردة فعلها السلبية على الموضوع، لكنها تفهّمت وكانت جريئة جداً فوافقت وساعدتني على تنفيذها»، وأضاف أن «فكرتنا هذه دفعت الكثيرين للتفكير بجدية في تفاصيل احتفال الزفاف وأنّه ليس من الضروري أن يتكلّف المرء كثيراً على بعض الأمور التي يمكن توفيرها من الحياة اليومية للعروسين، ما يجعل الاحتفال طبيعياً وغير متكلّف ويشبه أصحاب الزفاف».
أما العروس سلام فقد رأت أن «الأمر كان طبيعياً» وأنها عندما قررت الموافقة على فكرة منصور «لم تخف ولم تشعر بالحياء من تلك الفكرة»، وأضافت «نحن نعيش من هذه المهنة وهي مصدر رزقنا وعليها سنبني مستقبلنا»، وأشارت سلام الى أن «على المرء أن يكون واقعياً، وقد سمعت الآراء الكثيرة والمتناقضة حول الفكرة التي نفّذناها، إذ لامني البعض واستهجن الطريقة وآخرون أيّدوا وباركوا التجديد والتغيير»، مضيفة «نحن نرى العديد من الأشخاص يستخدمون السيارات الفخمة يوم الزفاف وتكون كلفتها باهظة ولا تمتّ الى حياتهم بصلة، فلماذا المظاهر الخداعة التي تنتهي بعد المناسبة الرسمية بدقائق أو بساعات، والتي لا تبقى في أذهان وذاكرة الناس؟».
أما سكان البلدة فرأوا أنّ الفكرة كانت جديدة و«طريفة» وليست بعيدة عن «جوّ العريس وعمله وحياته»، إضافة الى أن تزيينها بكميات كبيرة من الزهور والشتول خفّف من «حدّة منظر الشاحنات الكبيرة وضخامته»، لذلك أبدى الكثيرون الترحيب بتلك الظاهرة وبــات ذلــك الزفــــاف يسمى «زفاف الشــاحنات».