كامل جابر
فجأة راحت تغيب عن العيون برك كانت تزيّن بعض القرى الجنوبية. غابت المياه، وتغير المنظر، وصارت الأرض «منبسطة» كأن لا شيء كان موجوداً في تلك الأمكنة.
كميات كبيرة من الردم بدأت تغمر العديد من البرك الطبيعية أو القديمة في البلدات الجنوبية. هذا الردم هو من مخلفات الدمار الذي أحدثه العدوان الإسرائيلي على لبنان، وقد أصدرت بعض المجالس البلدية قراراً باستخدامه لردم برك تحولت إلى مرتع للأوساخ والحشرات، وقد عجزت المجالس عن معالجة هذه المشكلة والإبقاء على البرك.
عند انتهاء العدوان الإسرائيلي اتخذ أعضاء مجلس بلدية حولا الحدودية قراراً يقضي بردم بركة «الضيعة» القديمة، قبالة النادي الحسيني، وتحويلها إلى ساحة أو موقف للسيارات! هكذا انتهت قصة البركة التي كانت تعتمد في السابق، قبل وصول أنابيب المياه، مورداً أساسياً للمياه المجمَّعة في فصل المطر، إذ تتسرب إليها جميع قنوات القرية وتستخدم في الري والسقاية والخدمات المنزلية وغسل الثياب والأواني. وكانت تُعقَد حولها لقاءات جماعية وحلقات للفرح والأعراس والدبكة الشعبية. ووجه العديد من أبناء البلدة اللوم إلى مجلس البلدية «التي كان يمكنها في ظل إصرارها على تغيير معالمها تحت عنوان التلوث وما يترتب عنه من بعوض وبرغش، أن تستفيد من موقعها الوسط القريب من الضيعة القديمة والنادي الحسيني، وتحولها بعد سقفها إلى ملجأ أو مسرح، مستفيدة من جدرانها الإسمنتية التي كلفت مبالغ مرتفعة، يوم ترميمها» بحسب المهندس طارق مزرعاني. وتساءل الأهالي لماذا لا تُحَوَّل إلى موقف للسيارات بدلاً من التفكير بتأهيلها ورعايتها، أو إنشاء حديقة عامة في محيطها وأرصفة، ورفدها بالمقاعد والورود.
هذه البركة هي الأقدم في حولا، إذ نشأت إلى جوار الحي العتيق، قرب المنازل القديمة.
أعضاء مجلس بلدية عيترون اتخذوا قراراً بردم أكبر البرك الجنوبية، بركام المنازل المهدمة، وذلك بهدف محاربة التلوث البيئي وتكاثر الحشرات والبعوض، وتدفق مياه المجاري الصحية إليها.
عمر البركة، من عمر عيترون، وللآباء والجدود حكايات وذكريات حولها، من اللقاءات والسهرات والفرح، إلى سقاية الماشية وري المزروعات، وخصوصاً شتول التبغ. وقد سارعت البلدية إلى إعلان نيتها لإيجاد بركة بديلة وحديثة، وإلى أن القرار كان قد اتخذ قبل الحرب، وجاء الردم المتأتي من البيوت المهدمة ليوفر على البلدية آلاف الدولارات التي كانت تحتاجها لتحويل البركة إلى حديقة عامة؛ وحماية الأهالي من التلوث.
وتُعَدُّ بركة الطيبة معلماً رئيسياً في البلدة، إذ إنها جزء من ساحتها، وتقوم حولها المتاجر في البلدة. بيد أنها «تحولت إلى بؤرة للروائح الكريهة ومصدر للتلوث، بسبب تكاثر الضفادع والبعوض والحشرات، وركود المياه فيها» وفق ما قال عضو المجلس البلدي الدكتور مشهور نحلة.
وطمر الردم من مخلفات البيوت المهدمة في مجدل سلم جزءاً من بركتها القديمة. وقد شغل هذا الأمر أهالي البلدة، فبعضهم يتساءل ـــــ كما يفعل الجنوبيون في قرى أخرى ـــــ كيف تتبخر البرك وتختفي؟