استسلم مغني الأوبرا الإيطالي لوتشيانو بافاروتي لمرض السرطان، ورحل فجر أمس في منزله في مودينا عن 71 عاماً.قبل سنة تقريباً، انشغل الإيطاليون بخبر عودة بافاروتي إلى الغناء، وفيما اعتقدوا أنه سيسلك الطريق مجدداً إلى استوديوات ميلانو لتسجيل أغانٍ جديدة، نشرت الصحف الإيطالية خبر إصابته بسرطان البنكرياس، لكن الإيطاليين لم يصدقوا في البداية هذه «الشائعة البشعة»، وظلوا ينتظرون ألبومات أشهر تينور في بلادهم. ويرددون أنهم فرحون بأن «المبتسم دائماً» لن يعتزل الغناء كما كان قد صرح قبل سنوات.
حين أُبلغ بافاروتي أنه مريض، علم أنه سيرحل سريعاً، لكنه كان يردد أمام ابنته جوليانا أنه يريد أن يظل محاطاً بعائلته. وقد تحققت رغبته، إذ مات في بيته وكان كل أفراد عائلته حوله، كما جاء في وكالة «أنسا» الإيطالية للأنباء.
في الفترة الأخيرة ازدادت حال بافاروتي سوءاً، وقد نُقل التينور إلى مستشفى مودينا في 8 آب الماضي لإصابته بالتهاب كما أعلن الأطباء، وبقي في المستشفى 18 يوماً.
يلفت نقاد الغناء والموسيقى في أوروبا إلى أن بافاروتي أسهم في جذب الاهتمام العالمي إلى الغناء الأوبرالي في أواخر القرن العشرين. وكان بافاروتي قد صرح في مقابلة نشرتها صحيفة «لوفيغارو» الفرنسية: «أعترف بأني لست عالماً موسيقياً، أنا أجيد الغناء، وأعرف أن الجسد كله يجب أن يغني».
بافاروتي ابن خباز ومغنٍّ هاوٍ يدعى فرناندو، وعملت والدته في مصنع سجائر. وقد ذكر مراراً أنه حلم بأن يكون مغنياً عندما كان في الرابعة، وحين بلغ سنوات الشباب الأولى انضم إلى جوقة الكنيسة وسافر برفقة والده إلى منطقة ويلز البريطانية حيث فازت جوقته بجائزة «لانغولين» الدولية للموسيقى.
هذه التجربة جعلت بافاروتي يتعلّق بالموسيقى بشكل كبير، إلا أنه تابع دراسته وتخرج من معهد التعليم في عام 1955 وتولى مهمة تعليم الطلاب في الصفوف الابتدائية لمدة عامين، ثم تحوّل إلى مهنة بيع بوالص التأمين. عام 1957 بدأ يكرس نفسه للغناء.
باع بافاروتي ملايين الأسطوانات وجمع ملايين الدولارات للأعمال الخيرية من خلال إحياء حفلات خيرية مع مغنين من نجوم فن «البوب». وانضم إلى اثنين من أشهر التينور العالميين: بلاسيدو دومينغو وخوسيه كاريراس عام 1994 فأصدروا أسطوانة «التينور الثلاثة في حفل». ونال بافاروتي العديد من الجوائز العالمية من بينها خمس جوائز غرامي وعيّنه الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي أنان مبعوثاً للسلام. وقد كتب في موقعه الإلكتروني: «أتمنى أن تتذكروني كمغني أوبرا. أو بكلمات أخرى كممثل للفن الذي يجد تعبيره الأقصى في إيطاليا. وأتمنى أن يبقى حبي للأوبرا محور حياتي الأساسي». بعدما بلغ شهرة واسعة، أعلن أنه سمع أستاذ الغناء في مدينته مودينا يردد: «عندما يغني لوتشيانو تشرق الشمس من جديد». وقد حرص على تنظيم مسابقة سنوية في مودينا تحمل اسم «مسابقة بافاروتي إنترناشونال».
إيطاليا كرمت فنانها أخيراً يوم الثلثاء الماضي، حين أعلن وزير الثقافة الإيطالي فرانشيسكو روتيللي «منح بافاروتي جائزة التميز الثقافي».